(٢) قال ابن عبد البر: "هذا الحديث ظاهره العموم، والمراد به الخصوص، وهو خبر خرج على رجل بعينه كافر ضاف رسول الله ﷺ، فعرض له معه ما ذكر في هذا الحديث. . ثم قال: "يحتمل أن الإشارة بالألف واللام في الكافر والمؤمن في هذا الحديث إلى ذلك الرجل بعينه، وإنما يحملنا على هذا التأويل، لأن المعاينة -وهي أصح علوم الحواس- تدفع أن يكون ذا عموما في كل كافر ومؤمن، ومعروف من كلام العرب الإتيان بلفظ العموم والمراد به الخصوص، ألا ترى إلى قول الله ﷿ ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ -وهذه الإشارة في الناس إنما هي إلى رجل واحد أخبر أصحاب محمد ﷺ أن قريشًا جمعت لهم، وجاء اللفظ -كما ترى- على العموم. ومثله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾، ﴿مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ﴾ -ومثل هذا كثير لا يجهله إلّا من لا عناية له بالعلم، وقد قيل إنه في كل كافر، وإنه لِمَوضِع التسمية يقل أكله، وهذا تدفعه المشاهدة وعلم الضرورة، فلا وجه له". التمهيد (٢١/ ٢٦٤، ٢٦٥)، وانظر الاستيعاب (١/ ٢٦٨). وسبقه إلى التخصيص والتعليل الطحاوي كما في شرح المشكل (٥/ ٢٥٧)، والغوامض والمبهمات للأزدي (ل: ٢٣/ ب)، وأبو عبيدة كما في الفتح (٩/ ٤٥٠). قال الحافظ: "وقد تُعقّب هذا الحمل بأن ابن عمر راوي الحديث فهِم منه العموم، فلذلك منع الذي رأه يأكل كثيرا من الدخول عليه واحتج بالحديث، ثم كيف يتأتى حمله على شخص بعينه مع ما تقدّم من ترجيح تعدد الواقعة". الفتح (٩/ ٤٥٠). قلت: وحديث ابن عمر المشار إليه، أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: الأطعمة، باب: المؤمن يأكل في معَى واحد (٦/ ٤٥٤) (رقم: ٥٣٩٥) عن عمرو بن دينار قال: كان أبو نهيك رجلا أكولا، فقال له ابن عمر: إن رسول الله ﷺ قال: "إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء"، فقال: فأنا أؤمن بالله ورسوله.