للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بْنُ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٌ، فَقَالَ فِيهِ: بَعَثَتْ بَنُو سَعْدٍ: ضِمَامًا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ، قَالُوا: وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْحَجَّ وَجَبَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، فَقَدْ أَخَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى سَنَةِ عَشْرٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي لَا عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ: وَجَوَابُ هَذَا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ ضِمَامًا قَدِمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، فَإِنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى، فَعَنْ تَأْخِيرِهِ عليه السلام إيَّاهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيَّهُ عليه السلام أَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَحُجَّ، وَكَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْإِدْرَاكِ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ، وَكَانَتْ لَهُ أَعْذَارٌ: مِنْهَا الْفَقْرُ، وَمِنْهَا الْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْهَا الْخَوْفُ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ،


= وقال السهيلي: هو الذي قال فيه طلحة بن عبيد الله: جاءنا أعرابي من أهل نجد ثائر الرأس، الحديث، قلت: حديث طلحة رواه البخاري في "الايمان - في باب الزكاة من الاسلام" ص ١١، ومسلم في "بيان الصلاة التي هي أحد الأركان" ص ٣٠ - ج ١، وليس فيهما إلا الصلاة، والزكاة، والصوم، وروى البخاري حديث أنس في "باب القراءة والعرض على المحدث": ص ١٥، ومسلم: ص ٣١ - ج ١، وفيه: زعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً، قال النووي في "شرحه لمسلم": إن هذا الرجل ضمام بن ثعلبة، اهـ. وظاهر كلام البخاري أن الحديث الذي فيه ذكر الحج هو طريق أنس الذي فيه التصريح بالاسم، بأنه ضمام بن ثعلبة، فما قال ابن القيم في "الهدى" ص ٤٦ - ج ٣: فالظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من بعض الرواة، اهـ. ظن منه ليس بصحيح، وروى ابن سعد في "الطبقات" ص ٤٣ - ج ١ - في القسم الأول - من المجلد الأول، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن بسرة عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس، قال: بعثت بنو سعد ابن بكر في رجب سنة خمس: ضمام بن ثعلبة، الحديث، قال الحافظ في "الفتح" ص ٣٠٠ - ج ٣: هذا يدل - إن ثبت - على تقدمه سنة خمس، أو وقوعه فيها، اهـ. إنما قال: إن ثبت، لأن الواقدي فيه كلام مشهور، قال الحافظ المغلطائي في "سيرته" ص ٥٧، في حوادث سنة خمس: وفي هذه السنة فرض الحج، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقل: سنة ثمان، ورجحه جماعة من العلماء، وقيل: غير ذلك، اهـ.
والثاني: ما قال الحافظ في "الفتح" ص ٣٠٠ - ج ٣: ثم اختلف في سنته، فالجمهور على أنها سنة ست، لأنها نزل فيها قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، وهذا يبنى على أن المراد بالاتمام، ابتداء الفرض، ويؤيد ذلك قراءة علقمة، ومسروق، وإبراهيم النخعي بلفظ: "وأقيموا" أخرجه الطبري بأسانيد صحيحة عنهم، اهـ. قلت: نزول {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} سنة ست عام الحديبية.
والثالث: ما قال البخاري في "الصحيح - باب وجوب الحج وفضله" {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} قال العيني في "العمدة" ص ٤٧٧ - ٤: أشار بذكر هذه الآية الكريمة أن وجوب الحج قد ثبت بهذه الآية عند الجمهور، وقيل: ثبت وجوبه لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، والأول أظهر، اهـ. وقال ابن القيم في "الهدى" ص ١٧٥ - ج ١: ولما نزل فرض الحج بادر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحج من غير تأخير، فإن فرض الحج تأخر إلى سنة تسع، أو عشر، وأما قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} ، فإنها وإن نزلت سنة ست عام الحديبية، فليس فيها فريضة الحج، وإنما فيها الأمر بإتمامه، وإتمام العمرة بعد الشروع فيها، وذلك لا يقتضي وجوب الابتداء، فإن قيل: من أين لكم تأخير نزول فرضه، إلى التاسعة، أو العاشرة؟ قيل: لأن صدر سورة - آل عمران - نزل عام الوفود، وفيه قدم وفد نجران على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصالحهم على أداء الجزية، والجزية إنما نزلت عام تبوك سنة تسع، وفيها نزل صدر سورة - آل عمران - اهـ. وقال النووي في "شرح مسلم" ص ٣٤ - ج ١: نزلت فريضة الحج سنة تسع، اهـ. وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في "المنهاج" ص ١١٨ - ج ٢: وفيها نزل صدر - آل عمران - وفيها فرض الحج، وهي سنة الوفود، اهـ. وبعض التفصيل في "التلخيص" ص ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>