للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ"١ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ٢ مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُقْتَصِرًا عَلَى: احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ "التَّنْقِيحِ": حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رُوِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: "احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ" وَالثَّانِي: "احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ". وَالثَّالِثُ: "احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ". وَالرَّابِعُ: احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ"، وَهَذَا الرَّابِعُ انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، فَأَمَّا احْتِجَامُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَمُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَمَّا احْتِجَامُهُ وَهُوَ صَائِمٌ، فَصَحَّحَهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ٣، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُمَا، قَالَ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ: صَائِمٌ، إنَّمَا هُوَ مُحْرِمٌ، قُلْت: مَنْ ذَكَرَهُ؟ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عليه السلام احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ رَوْحٌ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ خُثَيْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ قَالَ أَحْمَدُ: فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَذْكُرُونَ صِيَامًا، وَقَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ الْحَكَمُ حَدِيثَ مِقْسَمٍ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ، فَإِنَّهُ عليه السلام إنَّمَا احْتَجَمَ صَائِمًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا إلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، قَالَ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ"٤ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْمُزَكَّى٥ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَهُوَ إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ يَقُولُ: ثَبَتَتْ الْأَخْبَارُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"، وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفْنَا بِأَنَّهُ عليه السلام احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّهُ عليه السلام إنَّمَا احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ مُحْرِمٌ، وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مُحْرِمًا إلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، وَالْمُسَافِرُ يُبَاحُ لَهُ الْإِفْطَارُ، انْتَهَى. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ رُبَّمَا يَدْفَعُ هَذَا التَّأْوِيلَ، لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيُنْظَرْ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ ثَوْبَانَ: وَحَدِيثُ شَدَّادٍ، وَحَدِيثُ رَافِعٍ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ عليه السلام


١ البخاري في "باب الحجامة والقيء للصائم" ص ٢٦٠، والترمذي: ص ٩٦.
٢ قلت: لم أجد في الترمذي في مظانه، وهو عند ابن سعد: ص ١٤٣ القسم الثاني وابن جارود في: ص ١٩٩، وأحمد: ص ٢٤٤ ج ١، وص ٢٨٦ ج ١، احتجم بالقاحة، وهو صائم، اهـ، رويا عن شعبة، وروى الطيالسي عن شعبة: ص ٣٥٣، والطحاوي: ص ٣٥١ عن ابن أبي ليلى عن الحكم به، احتجم صائماً محرماً، وأحمد: ص ٢٤٨ ج ١، وابن سعد: ص ١٤٣ ج ١ القسم الثاني عن الحجاج عن الحكم به، وزاد: فغشى عليه، فلذلك كره الحجامة للصائم، اهـ. والقاحة: اسم موضوع بين مكة والمدينة، على ثلاثة مراحل منها.
٣ وأبو حاتم في "العلل" ص ٢٣٠، وقال: خطأ فيه شريك.
٤ "المستدرك" ص ٤٢٩ ج ١.
٥ في نسخة الدار "محمد بن جعفر المولى" "البجنوري".

<<  <  ج: ص:  >  >>