للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدَّثَتْنَا مَوْلَاةٌ لَنَا، يُقَالُ لَهَا: سَلْمَى مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، هَلْ مِنْ كِسْرَةٍ؟ " فَأَتَيْته بِقُرْصٍ، فَوَضَعَهُ فِي فِيهِ، وَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ هَلْ دَخَلَ بَطْنِي مِنْهُ شَيْءٌ؟! " كَذَلِكَ قُبْلَةُ الصَّائِمِ، إنَّمَا الْإِفْطَارُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، انْتَهَى. وَوَقَفَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ. فَقَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ، وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ، وَالْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "مُعْجَمِهِ"، وَوَقَفَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ١، قَالَ: وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام، وَلَا يَثْبُتُ، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ٢ تَعْلِيقًا، فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ: الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: وَقَدْ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الِاكْتِحَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَإِلَى الصَّوْمِ فِيهِ. قُلْت: أَمَّا لصوم، فَأَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"٣ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ: "مَنْ كَانَ لَمْ يَصُمْ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ"، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ٤ أَيْضًا عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ"، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَتَصُومُ صِبْيَانُنَا الصِّغَارُ، فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُمْ اللُّعْبَةَ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ أَيْضًا٥ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ لَهُمْ: "مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟ " قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ، وَأَغْرَقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا، فَنَحْنُ نَصُومُهُ، فَقَالَ عليه السلام: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ" وَصَامَهُ عليه السلام، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ، قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ، انْتَهَى.


١ البيهقي: ص ٢٦١ ج ٤
٢ البخاري في "باب الحجامة والقيء" ص ٢٦٠.
٣ البخاري في "باب صيام يوم عاشوراء" ص ٢٦٨. ومسلم في "باب صوم يوم عاشوراء" ص ٣٥٩.
٤ البخاري في "باب صوم الصبيان" ص ٢٦٣، ومسلم: ص ٣٦٠ ج ١.
٥ البخاري: ص ٢٦٨، وص ٤٨١، ومسلم: ص ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>