للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَسْتَدِلُّ عَلَى كَوْنِهَا فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَيْضًا خَطَأً، بِأَنَّهُ نَظَرَ١ فِي "كِتَابِ الصَّوْمِ" تَصْنِيفِ الْمُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ، فَوَجَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَأَنَّ كَافَّةَ أَصْحَابِ سُفْيَانِ رَوَوْهُ دُونَهَا، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي "حَوَاشِيهِ": وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ: إنَّمَا كَانَ هَذَا رُخْصَةً لَهُ خَاصَّةً، دَعْوَى لَمْ يَقُمْ لَهُ عَلَيْهَا بُرْهَانٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَهُوَ أَيْضًا دَعْوَى، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: تُجْزِئُك، وَلَا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك، لَمْ أَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَلَا رِوَايَةَ: الْفَرْقِ بِالْفَاءِ، وَالْفَرْقُ: هُوَ الزِّنْبِيلُ، قِيلَ: يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي "الصَّوْمِ" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد٢ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَى بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، وَقَالَ: "كُلْهُ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِك، وَصُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ"، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَعِلَّةُ هَذَا الْحَدِيثِ ضَعْفُ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي "أَحْكَامِهِ": طُرُقُ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ، وَلَيْسَ فِيهَا: صُمْ يَوْمًا، وَلَا مِكْتَلَةُ التَّمْرِ٣، وَلَا الِاسْتِغْفَارُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ مُرْسَلًا، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَهَذَا الْمُرْسَلُ فِي "مُوَطَّأِ مَالِكٍ" عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَذَكَرَهُ، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ لَهُ عليه السلام: "كُلْهُ، وَصُمْ يَوْمًا، مَكَانَ مَا أَصَبْت"، مُخْتَصَرٌ. وَزَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ٤ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: "فَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ عَنْك"، وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ تَقَعْ لَهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، فَإِنَّ الْبَيْهَقِيَّ نَقَلَ عَنْهُ فِي "الْمَعْرِفَةِ" أَنَّهُ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهَا، أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ"، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ"٥ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ رَزِينٍ الْبَكْرِيِّ، قَالَ:


١ قال في "الجوهر" أبو ثور فقيه معروف جليل المقدار، أخرج عنه مسلم في "صحيحه" فلا يترك روايته لسقوطها في حظ رجل مجهول، وقد تأيدت روايته بالطريق الذي ذكره البيهقي أولاً، وربما أخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" من طريق الدارقطني حدثنا النيسابوري حدثنا محمد بن عزيز حدثني سلامة بن روح عن عقيل عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة، فذكر الحديث، وفيه هلكت وأهلكت، وسلامة هذا أخرج له ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم في"المستدرك"، وقال ابن حبان: مستقيم، وذكر البيهقي في "الخلافيات" أن ابن خزيمة رواه عن محمد بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: أهلكت يا رسول الله، هكذا بإثبات الألف.
٢ أبو داود: ص ٣٣٢، والدارقطني: ص ٢٥٢.
٣ في نسخة الدار "وليس فيها صوم، ولا مكيلة التمر" "البجنوري".
٤ الدارقطني: ص ٢٥١ من حديث علي، وكذا في "التلخيص" ص ١٩٦، وضعف إسناده.
٥ قال الهيثمي في "الزوائد" ص ١٦٧ ج ٣: رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه، اهـ قلت: لعله سلمى البكرتية، قال الحافظ في "التقريب": لا تعرف، اه، وبقية رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>