للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَا أَجِدُهَا، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ، قَالَ: مَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا"، وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي هَذَا الْبَابِ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَ كِفَايَةٌ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، وَأَهْلَكْتُ، فَقَالَ: "مَاذَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: وَاقَعْتُ امْرَأَتِي فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا، فَقَالَ: أَعْتِقْ رَقَبَةً، قَالَ: لَا أَمْلِكُ إلَّا رَقَبَتِي هَذِهِ، قَالَ: فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَقَالَ: وَهَلْ جَاءَنِي مَا جَاءَنِي إلَّا مِنْ الصَّوْمِ، فَقَالَ: أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَقَالَ: لَا أَجِدُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يُؤْتَى بِفَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ ويروى بفرق فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَقَالَ: فَرِّقْهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَيْسَ بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَحْوَجَ مِنِّي، وَمِنْ عِيَالِي، فَقَالَ: كُلْ أَنْتَ وَعِيَالُك يُجْزِئُك، وَلَا يُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَك".

قُلْت: أَخْرَجَ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ١ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ عليه السلام، فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: "مَا شَأْنُكَ؟، قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: اجْلِسْ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَرَقِ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ٢ وَفِي لَفْظٍ: أَنْيَابُهُ، وَفِي لَفْظٍ: نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَك"، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: "وَطِئْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ نَهَارًا"، وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي "الْمُوَطَّأِ"٣: "أَصَبْت أَهْلِي، وَأَنَا صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُد: زَادَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ هذا رخصة له خاصة، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا فَعَلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَمْ يَكُنْ له بُدٌّ مِنْ التَّكْفِيرِ، وَفِي لَفْظٍ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"٤: احْتَرَقْت، مَوْضِعَ هَلَكْت، وَفِيهِمَا مَا يَدُلُّ لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْعَامِدِ، لِأَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ هَالِكٍ، وَلَا مُحْتَرِقٍ، عَلَى أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُرْسَلَةٍ، التَّصْرِيحُ بِالْعَمْدِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "كِتَابِ الْعِلَلِ"٥ عَنْ سَعِيدِ


١ البخاري في "الصوم في باب إذا جامع في رمضان، ولم يكن له شيء" ص ٢٥٩، ومسلم: ص ٣٥٥، وأبو داود: ص ٣٣٣، والترمذي في "باب كفارة الفطر في رمضان" ص ٩٠، وابن ماجه في "باب كفارة من أفطر يوماً من رمضان" ص ١٢١.
٢ حتى بدت ثناياه، عند أبي داود، وأنيابه، عند البخاري، ومسلم، ونواجذه، عند البخاري: ص ٨٩٩، وص ٩٩٣.
٣ "الموطأ" ص ٩٠ في حديث سعيد بن المسيب.
٤ قلت: هذا اللفظ في البخاري في كتاب المحاربين في باب من أصاب ذنباً دون الحدِّ" ص ١٠٠٧، وفي مسلم في "الصيام" ص ٣٥٥، في حديث عائشة، ولم أجد في شيء منهما في حديث أبي هريرة، وحديث عائشة فيهما، مع حديث أبي هريرة، في باب واحد، فلعل البصر طغى، أو أراد حديث عائشة، كما في حديث "الموطأ" ذكر لفظ حديث ابن المسيب، وهو بصدد حديث أبي هريرة، والله أعلم.
٢ قلت: أخرج الدارقطني في "سننه" ص ٢٥١ عن سعد بن أبي وقاص، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أفطرت يوماً في شهر رمضان متعمداً، الحديث، وفيه: محمد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف،

<<  <  ج: ص:  >  >>