للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو يُوسُفَ عن غورك١ بن الحضرمي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ فِي كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ غَوْرَكٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمَنْ دُونَهُ ضُعَفَاءُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يُخَالِفْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": وَأَبُو يُوسُفَ هَذَا هُوَ أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ الْقَاضِي٢، وَهُوَ مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ، انْتَهَى. وَفِيهِ شَيْءٌ، فَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ. وَاسْتَدَلَّ لَنَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "التَّحْقِيقِ" بِحَدِيثٍ أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"٣ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْخَيْلَ، فَقَالَ: "وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا فِي ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سَتْرٌ"، وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَقَّهَا إعَادَتُهَا وَحَمْلُ الْمُنْقَطِعِينَ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، ثُمَّ نُسِخَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: قَدْ عَفَوْت لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ، إذْ الْعَفْوُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ شَيْءٍ لَازِمٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَكَذَلِكَ اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّيْخُ فِي "الْإِمَامِ"، وَالْحَدِيثُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَبِي صَالِحٍ٤ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ. وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ. وَلِرَجُلٍ أَجْرٌ، فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلُ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا، وَلَا فِي رِقَابِهَا. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: فِي ظُهُورِهَا وَلَا بُطُونِهَا، الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالتَّقْوِيمِ مَأْثُورٌ عَنْ عُمَرَ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ"٥ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إلَى عُمَرَ، فَقَالُوا: إنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا خَيْلًا وَرَقِيقًا، وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ تُزَكِّيَهُ، فَقَالَ: مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلُ أَنَا، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: أَحْسَنَ، وَسَكَتَ عَلِيٌّ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هُوَ حَسَنٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا بَعْدَك، فَأَخَذَ مِنْ الْفَرَسِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ أَعَادَهُ قَرِيبًا مِنْهُ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ وَالْقِصَّةِ، وَقَالَ فِيهِ: فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا، انْتَهَى. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ


١ غورك "بالغين المعجمة" كذا في الدارقطني. والميزان، وفي الدارقطني الخضرم، وفي البيهقي الحصرم "بمهملتين" والله أعلم، وفي "الميزان" غورك بن الحضرمي، وفي "الدراية" عورك "بالعين المهملة".
٢ أي ليس هو بصاحب لأبي حنيفة.
٣البخاري في "المساقاة في باب شرب الناس والدواب من الأنهار" ص ٣١٩، ومسلم في "باب إثم مانع الزكاة" ص ٣١٩.
٤ قلت: حديث أبي صالح عن أبي هريرة هذا هو الذي تقدم فيما استدل به ابن الجوزي آنفاً، فما وجه الإعادة؟.
٥ الدارقطني: ص ٢١٤، وأعاده في: ص ٢١٩، وأخرجه الطحاوي: ص ٣١٠، وأحمد في "مسنده: ص ١٤، إلى قوله: يؤخذون بها بعدك، وكذا الحاكم في "المستدرك" ص ٤٠٠، وصححه، وقال الهيثمي في "الزوائد" ص ٦٩ ج ٣: رواه أحمد. والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>