إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ السَّارِقِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ بِمِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَهُمْ فِي سَارِقٍ، فَأَجْمَعَا عَلَى مِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ، انْتَهَى. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إذَا سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ، ثُمَّ إنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ، وَلَا تَقْطَعُوا يَدَهُ الْأُخْرَى، وَذَرُوهُ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَلَكِنْ احْبِسُوهُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ عَنْ النَّخَعِيّ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُتْرَكُ ابْنُ آدَمَ مِثْلُ الْبَهِيمَةِ لَيْسَ لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَبِهَذَا حَاجَّ عَلِيٌّ بَقِيَّةَ الصَّحَابَةِ فَحَجَّهُمْ، قُلْت: فِي "التَّنْقِيحِ" قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَضَرْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَدْ سَرَقَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: اقْطَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قَتَلْتُهُ إذًا، وَمَا عَلَيْهِ الْقَتْلُ، بِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ الطَّعَامَ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَتِهِ؟! بِأَيِّ شَيْءٍ يَقُومُ عَلَى حَاجَتِهِ؟!، فَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ أَيَّامًا، ثُمَّ أَخْرَجَهُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ، فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَجَلَدَهُ جَلْدًا شَدِيدًا، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، وَقَالَ سَعِيدٌ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَائِذٍ، قَالَ: أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِأَقْطَعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَدْ سَرَقَ، فَأَمَرَ أَنْ تُقْطَعَ رِجْلُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} الْآيَةَ، فَقَدْ قَطَعْتَ يَدَ هَذَا، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَقْطَعَ رِجْلَهُ، فَتَدَعَهُ لَيْسَ لَهُ قَائِمَةٌ يَمْشِي عَلَيْهَا، إمَّا أَنْ تُعَزِّرَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُودِعَهُ السِّجْنَ، فَاسْتَوْدَعَهُ السِّجْنَ، انْتَهَى. وَهَذَا الثَّانِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "سُنَنِهِ".
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ عَشَرَ: قَالَ عليه السلام: "لَا غرم على السارق بعد ما قُطِعَتْ يَمِينُهُ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَبِمَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي "سُنَنِهِ" ١ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَغْرَمُ صَاحِبُ السَّرِقَةِ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ"، انْتَهَى: قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" بِلَفْظِ: لَا غُرْمَ عَلَى السَّارِقِ بَعْدَ قَطْعِ يَمِينِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ: وَالْمِسْوَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَإِنْ صَحَّ إسْنَادُهُ فَهُوَ مُرْسَلٌ، قَالَ: وَسَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ مَجْهُولٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَصَدَقَ فِيمَا قَالَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" بِلَفْظِ: لَا يَضْمَنُ السَّارِقُ سَرِقَتَهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ، قَالَ: وَالْمِسْوَرُ بْنُ إبْرَاهِيمَ
١ عند النسائي في "آخر السرقة" ص ٢٦٢ - ج ٢، وعند الدارقطني في "الحدود" ص ٣٦٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute