للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَجُلٌ أقطع، فشكى إلَيْهِ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ فِي سَرِقَةٍ، وَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا زِدْت عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ، فَخُنْته فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَطَعَ يَدِي، وَرِجْلِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ كُنْتَ صَادِقًا فَلَأُقِيدَنَّكَ مِنْهُ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ: أَظْهِرْ مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ، قَالَ: فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى عَثَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَيْلَك! إنَّك لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ، فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ الثَّانِيَةَ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَكَانَ اسْمُهُ جبر، أو جبير، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: لَجُرْأَتُهُ عَلَى اللَّهِ أَغْيَظُ عِنْدِي مِنْ سَرِقَتِهِ، انْتَهَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ في "موطأه"١: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إنَّمَا كَانَ الَّذِي سَرَقَ حُلِيَّ أَسْمَاءَ أَقْطَعَ الْيَدِ الْيُمْنَى، فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَكَانَتْ تُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ شِهَابٍ أَعْلَمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِهِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَرِجْلًا يَمْشِي عَلَيْهَا، قُلْت: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي "كِتَابِ الْآثَارِ"، وَأَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: إذَا سَرَقَ السَّارِقُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَادَ ضَمَّنَهُ السِّجْنَ، حَتَّى يُحْدِثَ خَيْرًا، إنِّي أَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ أَدَعَهُ لَيْسَ لَهُ يَدٌ يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي بِهَا، وَرِجْلٌ يَمْشِي عَلَيْهَا، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي "سُنَنِهِ" ٢ بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي "مُصَنَّفِهِ" أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ لَا يَقْطَعُ إلَّا الْيَدَ وَالرِّجْلَ، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ سَجَنَهُ، وَيَقُولُ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ أَنْ لَا أَدَعَ لَهُ يَدًا يَأْكُلُ بِهَا، وَيَسْتَنْجِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ" حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ يَدًا وَرِجْلًا، فَإِذَا أُتِيَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: إنِّي لَأَسْتَحْيِي أَنْ أَدَعَهُ لَا يَتَطَهَّرُ لِصَلَاتِهِ، وَلَكِنْ احْبِسُوهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ ٣ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَارِقٍ، فَقَطَعَ يَدَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: أَقْطَعُ يَدَهُ؟ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَمَسَّحُ؟ وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَأْكُلُ؟ أَقْطَعُ رِجْلَهُ! عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَمْشِي؟ إنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ، وَخَلَّدَهُ فِي السِّجْنِ، انْتَهَى.

أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ


١ عند محمد في "الموطأ - في الحدود - باب السارق يسرق، وقد قطعت يده، أو يده ورجله" ص ٢٣٤، وعند الدارقطني في "الحدود" ص ٣٦٥ - ج ٢.
٢ عند الدارقطني في "الحدود" ص ٣٣٢.
٣ عند البيهقي في "السنن" ص ٢٧٣ - ج ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>