للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك"، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحِنْثِ، وَالتَّكْفِيرِ لِمَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِلَفْظِ: ثُمَّ لِيُكَفِّرْ، إلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَاسِمِ بْنِ ثابت بن حازم السَّرَقُسْطِيِّ فِي "كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَلَاءِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَمَ عِنْدَهُ، فَسَأَلَ صِبْيَتُهُ أُمَّهُمْ الطَّعَامَ، فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ أَبُوكُمْ، فَنَامَ الصِّبْيَةُ، فَجَاءَ أَبُوهُمْ، فَقَالَ: اشْتَهَيْت الصِّبْيَةَ، فَقَالَتْ: لَا، كُنْت أَنْتَظِرُ مَجِيئَك، فَحَلَفَ أَنْ لَا يَطْعَمَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَيْقِظِيهِمْ، وجيء بِالطَّعَامِ، فَسَمَّى اللَّهَ، وَأَكَلَ، ثُمَّ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِاَلَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهِ، ثُمَّ لِيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ"، انْتَهَى. قَالَ السَّرَقُسْطِيُّ: اشْتَهَيْت - أَيْ أَطْعَمَتْهُمْ شَهْوَتَهُمْ.

فَائِدَةٌ: الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَعَدَمِ الْجَوَازِ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِي مَذْهَبُنَا، وَاسْتِنْبَاطُ ذَلِكَ مِنْ تَتَبُّعِ أَلْفَاظِهِ، وَاخْتِلَافِ رِوَايَاتِهِ، فَنَقُولُ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، روى عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي لَفْظٍ: الْحِنْثُ قَبْلَ الْكَفَّارَةِ، وَفِي لَفْظٍ: الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ، قَالَهُ أَبُو دَاوُد فِي "سُنَنِهِ".

فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ١: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَفِي لَفْظٍ لَهُ: " فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ".

وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَخْرَجَاهُ أيضاً تقديم الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِتَقْدِيمِ الْحِنْثِ عَلَى الْكَفَّارَةِ.

وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ ٢ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: "إنِّي وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا كَفَّرْت عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: "إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي"، وَوُهِمَ الْمُنْذِرِيُّ


١ في "النذور والأيمان" ص ٤٨ - ج ٢.
٢ عند البخاري في "آخر النذور والأيمان" ص ٩٩٥ - ج ٢، اللفظ الآخر عنده في "باب الاستثناء في الأيمان" ص ٩٩٤ - ج ٢، وعند مسلم في "النذور والأيمان" ص ٤٧ - ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>