يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن نعيم يحكي عن أبي حمزة الصوفي الدمشقي أنه لما خرج من البئر أنشد يقول:
نهائي حيائي منك أن أكشف الهوى … فأغنيتني بالقرب منك عن الكشف
ترأيت لي بالغيب حتى كأنني … تبشرني بالغيب إنك في الكف
أراك وبي من هيبتي لك وحشة … وتؤنسني بالعطف منك وباللطف
وتحيئ محبا أنت في الحب حتفه … وذا عجب كون الحياة مع الحتف
قال المصنف ﵀: قلت، اختلفوا في أبي حمزة هذا الواقع في البئر فقال أبو عبد الرحمن السلمي: هو أبو حمزة الخراساني وكان من أقران الجنيد.
وقد ذكرنا في رواية أخرى أنه دمشقي.
وقال أبو نعيم الحافظ: هو أبو حمزة البغدادي واسمه محمد بن إبراهيم وذكره الخطيب في تاريخه وذكر له حكاية، وأيهم كان فهو مخطئ في فعله مخالف للشرع بسكوته معين بصمته على نفسه وقد كان يجب عليه أن يصيح ويمنع من طم البئر كما يجب عليه أن يدفع عن نفسه من يقصد قتله.
وقوله لا أستغيث كقول القائل: لا آكل الطعام ولا أشرب الماء وهذا جهل من فاعله ومخالفة الحكمة في وضع الدنيا فإن الله تعالى وضع الأشياء على حكمة فوضع للآدمي يدا يدافع بها ولسانا ينطق به وعقلا يهديه إلى دفع المضار واجتلاب المصالح.
وجعل الأغذية والأدوية لمصلحة الآدميين فمن أعرض عن استعمال ما خلق له وأرشد إليه فقد رفض أمر الشرع وعطل حكمة الصانع.
فإن قال جاهل فكيف أحترز مع أمر القدر قلنا وكيف لا يحترز مع أمر المقدر وقد قال الله تعالى: ﴿خذوا حذركم﴾ وقد اختفى النبي ﷺ في الغار وقال لسراقة: