المسلمون على ذلك كله، ثم أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصنوا ثم صالحوا.
وقيل: إن الفرس لما رأوا اقتحام المسلمين الماء تحيروا، وقالوا: والله ما نقاتل الإنس ولا نقاتل إلا الجن، فانهزموا.
ونزل سعد القصر الأبيض، واتخذ الإيوان مصلى، وإن فيه لتماثيل جص فما حركها.
ولما انتهى إلى مكان كسرى أخذ يقرأ:{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ}[الدخان: ٢٥، ٢٦] .
قالوا: وأتم سعد الصلاة يوم دخلها، وذلك أنه أراد المقام بها، وكانت أول جمعة جمعت بالعراق، وذلك في صفر سنة ست عشرة.
قال الطبري: قسم سعد الفيء بعدما خمسه، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفا، وكل الجيش كانوا فرسانا.
وقسم سعد دور المدائن بين الناس وأوطنوها، وجمع سعد الخمس وأدخل فيه كل شيء من ثياب كسرى وحليه وسيفه، وقال للمسلمين: هل لكم أن تطيب أنفسكم عن أربعة أخماس هذا القطف فنبعث به إلى عمر، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعا؟ قالوا: نعم، فبعثه على هيئته. وكان ستين ذراعا في ستين ذراعا بساطا واحدا مقدار جريب، فيه طرق كالصور، وفصوص كالنهار، وخلال ذلك كالدر، في حافاته كالأرض المزروعة، والأرض كالمبقلة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات الذهب. ونواره بالذهب والفضة ونحوه. فقطعه عمر وقسمه بين الناس، فأصاب عليا قطعة منه فباعها بعشرين ألفا.
واستولى المسلمون في ثلاثة أعوام علي كرسي مملكة كسرى،