للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكنتَ قد اكتفيتَ بتقليد البيهقي، فقلتَ: أورد البيهقي حديث رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين، وفيه النهي عن الاغتسال بفضل المرأة (١) وقال بعد ذلك: "إلا أنه مرسل جيد، لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة".

وغفلتَ أن جهالة الصحابي لا تضر، وخفيت عليك طريقة البيهقي في رد الأحاديث التي تخالفُ مذهبه، كما حكاه غير واحد من المحققين منهم شيخ الإسلام ابن تيمية.

فاعلم أن الحديث جاء عن ثلاثة من الصحابة مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم:

الأول: قال أبو داود: حدثنا بن بَشَّارٍ ثنا أبو دَاوُدَ -يَعْنِي الطَّيَالِسِيَّ- ثنا شُعْبَةُ عن عَاصِمٍ عن أبي حَاجِبِ عن الْحَكَمِ بن عَمْرٍو -وهو الأَقْرَعُ- أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نهى أَنْ يَتَوَضَّأ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ" (٢)، الحديث رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان في "صحيحه" (٤/ ٧١).

الثاني: قال أبو داود: حدثنا أَحْمَدُ بن يُونُسَ ثنا زُهَيْرٌ عن دَاوُدَ بن عبد اللَّهِ ح وثنا مُسَدَّد ثنا أبو عَوَانَةَ عن دَاوُدَ بن عبد اللَّهِ عن حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ قال: لَقِيتُ رَجُلاً صَحِبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ سِنِينَ كما صَحِبَهُ أبو هُرَيْرَةَ، قال: "نهى رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ أو يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ" زَادَ مُسَدَّد: "وَلْيَغْتَرِفَا جميعًا" (٣)، ورواه النسائي عن قتيبة عن أبي عوانة.

وزهير هو ابن معاوية أبو خيثمة الجعفي الكوفي الحافظ أحد الأثبات.

قال معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان أثبت من زهير.

وقال أحمد: كان من معادن الصدق.


(١) انظر سنن البيهقي الكبرى: (١/ ١٩٠).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢١٣) و (٥/ ٦٦) أبو داود في "سننه" (٨٢)، والترمذي في "جامعه" (٦٤)، والنسائي في "المجتبى" (١/ ١٧٩)، وابن ماجه في "سننه" (٣٧٣).
(٣) أخرجه أبو داود: (١/ ٢١)، والنسائي في السنن الكبرى: (١/ ١١٧)، وفي (المجتبى): (١/ ١٣٠)، وأحمد في مسنده: (٤/ ١١١).

<<  <   >  >>