فقولُكَ -لمَّا أقررتَ أن الذين رووه مرفوعًا: عاصم الأحول، وسليمان التيمي أوثق من الذين وقفوه-: "أن هذا صحيح، إلا أنه اعتراه ما يضعفه، وهو ما يدل على أن الرافعين لم يضبطوا الحديث، للقرائن التي دلَّت على ذلك، وهي العلل المذكورة".
فهذا ليس من أساليب أهل العلم بالحديث أن ترمي بالكلام على عواهنه، وليس لديك إلا التقليد! فلم تذكر في كلامك شيئًا يدل على علمك بصناعة الحديث، بدليل أنك نقلتَ عن ابن حبان أنه قال في أبي حاجب: ربما أخطأ. ثم ادَّعَيْتَ أن هذا مما أخطأ فيه، وهل هذا إلا ضرب من الخرص؟! فأنت لمَّا اعتقدتَ استدللتَ، فما وجه قولك: الحديث يدور على أبي حاجب؟ وأنت تقر بأنه ثقة! وما وجه قولك: مخالفته للأحاديث الصحيحة؟! ومن أين أخذت هذه العلة، أو أنه حلال لكم أن تُعَلِّلوا بغير ما علل به المتقدمون، حرام على غيركم؟! ثم ما هي هذه الأحاديث الصحيحة المخالفة لهذا الحديث؟!
ثم وقعت في خطأ آخر، وقلت: إن الحديث مخالف للآثار! ونقلت عن الإمام أحمد قوله: "إذا خلت به فلا يتوضأ منه، إنما رخص النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يتوضئا جميعًا".
ثم قلت: وهذا لا يدل على تصحيح حديث الحكم مرفوعًا، فإن الإمام أحمد معروف بالأخذ بأقوال الصحابة.
ثم خطَّأت الإمام أحمد، وقلت:"فإن فهم منها تصحيح المرفوع، وأنه لا يعارض الأحاديث الصحيحة الدالة على الجواز، باعتبار وجود الفرق بين أن يتوضَّئا جميعًا، وبين ما خلت به؛ فإن هذا ليس بصحيح فيما يظهر لي"!
ثم استدللتَ على ذلك بحديث ابن عباس عند مسلم "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - اغتسل بفضل ميمونة"(١) وهذا مما يؤكد أنك تجمع ولكن لا تحقق، عفا الله عنك.