للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقراءة، لئلا يؤذِ أحداً أو يغلط ويخلط على مصل إلى جنبه، والنهي للتحريم على الأصل، ولعدم الصارف (١).

الدليل الثالث: أن رفع الصوت بالقراءة فيه خلط على المصلي، وضرر وأذية له ولغيره (٢)، وأذية المسلمين حرام.

أدلة القول الثاني:

استدلوا بحديثي أبي سعيد الخدري والبياضي -رضي الله عنهما-، وحملوا النهي على الكراهة؛ لخشية التشويش على نائم أو مُصلٍّ (٣).

الترجيح:

بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بتحريم رفع الصوت في القراءة إن كان مؤذياً لمن حوله.

أسباب الترجيح:

١ - أن خطاب النهي صريح في المنع، مع عدم الصارف القوي.

٢ - أن فيه حمايةً للمسلم من الأذية والضرر، والشريعة جاءت بتحريم أذية المسلم.

٣ - أن فيه إعمالاً لقاعدة: الضرر يزال (٤).

جاء في كتاب (المدخل): «أن المسجد إنما بُنيت للصلاة، وقراءة القرآن تبع للصلاة ما لم تضر التلاوة بالصلاة التي بنيت المساجد لها، فإذا أضرت بها منعت» (٥).

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: «ليس لأحد أن يجهر بالقراءة لا في الصلاة ولا في غير الصلاة إذا كان غيره يصلي في المسجد، وهو يؤذيهم بجهره» (٦).


(١) يُنظر: التمهيد (٢٣/ ٣١٩)، مرقاة المفاتيح (٢/ ٧٠٢).
(٢) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٤٦٧)، (تحفة المحتاج) (٢/ ٥٧)، مطالب أولي النهى (١/ ٥٩٧).
(٣) حاشية الجمل (١/ ٣٦٠).
(٤) وهي إحدى القواعد الكلية الكبرى. يُنظر: الأشباه والنظائر، للسبكي (١/ ٤١)، الأشباه والنظائر، لابن الملقن (١/ ٣٠)، الأشباه والنظائر، للسيوطي (ص: ٧)، موسوعة القواعد الفقهية (١/ ١/ ٣٢).
(٥) لابن الحاج (١/ ١٠٥).
(٦) مجموع الفتاوى (٢٣/ ٦٤).

<<  <   >  >>