للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهر» (١).

الثاني عشر: ورود النهي في حال دون حال:

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: «أصل النهي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل ما نهى عنه فهو محرم، حتى تأتي عنه دلالة تدل على أنه إنما نهى عنه لمعنى غير التحريم: إما أراد به نهياً عن بعض الأمور دون بعض … » (٢).

جاء في فتاوى الشيخ/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- الإشارة إلى هذا الصارف في مسألة تخصيص يوم الجمعة بصيام: فحُمل به النهي على الكراهة لا التحريم، حيث سُئل: «إذا كان الأصل في النهي التحريم، فلِم صار في الجمعة للكراهة؟ فأجاب: لعله لكونه رُخص في الشرع في صيامه وصيام يومٍ معه، فلو كان حراماً لما ساغ صومه بالكلية» (٣).

الثالث عشر: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد:

إذا ورد نهي في نص شرعي وكان النهي في باب الأدب والإرشاد إلى المصلحة، فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى صرف النهي عن التحريم؛ لكونه في باب الآداب، وأن النهي فيه راجع إلى الكراهة (٤).

قال الشافعي -رحمه الله-: « … وإما أراد به النهي للتنزيه عن المنهي والأدب والاختيار» (٥).

مثاله: قال القرطبي -رحمه الله- (٦) عند الكلام في باب الانتعال وآدابه: «لا خلاف في أن أوامر هذا الباب ونواهيه إنما هي من الآداب المكملة، وليس شيء منها على الوجوب ولا الحظر


(١) النكت والفوائد السنية (١/ ١١٠).
(٢) الأم (٧/ ٣٠٥).
(٣) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ/ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (٤/ ٢٠٦).
(٤) يُنظر: التحبير شرح التحرير (٥/ ٢٢٨١)، الأساليب الشرعية الدالة على الأحكام التكليفية (ص: ٣٢٣).
(٥) الأم (٧/ ٣٠٥).
(٦) هو: ضياء الدين أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي المالكي، يُعرف بابن المزيِّن، وُلد بقرطبة سنة ٥٧٨ هـ، كان محدثاً فقيهاً من كبار الأئمة، رحل إلى مكة والقدس والإسكندرية ومصر وغيرها، وحصل له شأن عظيم، صنف كتاب «المفهم في شرح مختصر مسلم» وغيره، تُوفي بالإسكندرية سنة ٦٥٦ هـ. يُنظر: الديباج المذهب (١/ ٢٤٠)، شذرات الذهب (٧/ ٤٧٣)، شجرة النور الزكية (١/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>