القول الثاني: يُكره.
وهو مذهب الحنفية (١)، والشافعية (٢)، ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- (٣).
أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((لَقَدْ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِداً عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، لِحَاجَتِهِ)) (٤).
وجه الاستدلال: أن هذا الحديث ناسخ للنهي عن استقبال بيت المقدس عند التخلِّي؛ فحكاية فِعل النبي -صلى الله عليه وسلم- دليل على الجواز (٥).
«قال أحمد بن حنبل: حديث ابن عمر ناسخ للنهى عن استقبال بيت المقدس واستدباره بالغائط والبول» (٦).
الدليل الثاني: أن النهي عنه كان قبل نسخ القِبلة، وأما بعد النسخ: فإن بيت المقدس لا يُسمى قِبلة؛ فلا يتوجه إليه النهي (٧).
قال القرافي -رحمه الله-: «لا يُكره استقبال بيت المقدس؛ لأنه ليس قِبلة» (٨).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ)) (٩).
وجه الاستدلال: أن النهي في الحديث بالنسبة لبيت المقدس جاء للتنزيه، فيُحمل
(١) يُنظر: العناية شرح الهداية (١/ ٤٢٠).
(٢) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٠)، نهاية المحتاج (١/ ١٣٦).
(٣) يُنظر: الإنصاف (١/ ٢٠٢)، كشاف القناع (١/ ٦٥).
(٤) سبق تخريجه: ص (١١٠).
(٥) يُنظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (١/ ٢٣٧).
(٦) نقله ابن بطال في (شرح صحيح البخاري) (١/ ٢٣٧)، ويُنظر: الاستذكار (٢/ ٤٤٤)، عمدة القاري (٢/ ٢٨٢).
(٧) يُنظر: الإنصاف (١/ ٢٠٢)، مواهب الجليل (١/ ٢٨١)، كشاف القناع (١/ ٦٥).
(٨) الذخيرة (١/ ٢٠٥).
(٩) سبق تخريجه ص: (١١٧).