الإمام جمال الدين أبي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن مالك الطائي الجَيَّاني اللغوي الأندلسي المشهور صاحب "الألفية"، و"لاميّة الأفعال"، و"شواهد التوضيح"(٦٠٠ - ٦٧٢ هـ)، مع حضور أصلَي سماعَي الأثري عالم الحفّاظ تقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي (٥٤١ - ٦٠٠ هـ). وكان الحافظ اليونيني رحمه اللّه يبالغ في ضبط ألفاظ أصله وتدقيق حركاته ومقابلته، حتى إن الحافظ الذهبي حكى عنه أنه قابله في سنة واحدة إحدى عشْرة مرةً.
ومما لا ينبغي إغفاله كذلك هو أن العلَّامة السهارنفوري رجع إلى "إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري" لشهاب الدين أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني المصري صاحب "المواهب اللدُنِّيَّة"(ت ٩٢٣ هـ)، الذي اعتمد نسخة اليونيني حيث وقف على نسخ مقابلة عليها، لعل من أجلِّها نسخة الإمام المحدِّث شمس الدين محمد بن أحمد المِزِّي الغَزُولي الذي قابل نسخته على أصل اليونيني غير مرَّة، فلم يغادِر منه شيئًا، كما تَوَّجَ القسطلاني جهوده في خدمة "الإرشاد" بمقابلته بأصل اليونينية الذي حصل عليه بعد ختم شرحه، فقابل عليه متن شرح الكتاب، وكملت بذلك مقابلته عليه جميعًا (١).
لقد استحضر الشيخ أحمد علي السهارنفوري كلَّ هذا الفيض من النسخ الموثقة والأصول الثابتة لاستخدامها في بناء نسخته الفريدة من "الجامع الصحيح"، ووضع حاشيته الحافلة عليها، وهي حاشية دبَّجها - كما يقول الشيخ تقي الدين الندوي - بالحقائق العلمية والمباحث النادرة والمسائل الفنية والنكت العجيبة والشروح الثمينة لمبهمات الجامع