للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومشكلاته وغيرها، حتى غدت نسختُه من أوثق نسخ "الصحيح"، وأجودِها، إِلَّا أن هذا الكنز الثمين كان قد قُدِّم في طبعة حجرية على طريقة قدماء علماء الهند، الأمر الذي جعله عَصيًّا على الاستغلال الناجع؛ إذ لا يستطيع حلَّ مغاليقِه إِلَّا علماء الهند الذين أَلِفُوا هذا الأسلوب من الطباعة، وتَمَرَّسُوا عليه، والنزر القليل من العلماء العرب، أما عامَّةُ القراء من طَلَبة العلم العرب فيعسُرُ عليهم اجتناءُ ثِماره إن لم نقلْ يتعذر ذلك.

والشيخ تقي الدين بإخراجه هذه النسخة النادرة يكون قد هيّأ للجميع فرصة الاستفادة منها ومن فرائدها؛ إذ يَزُفُّها إلى مُحِبِّي صحيح سنة الرَّسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - في حلّة فاخرة، وبأسلوبٍ متداوَلٍ لدى عامّة قرّاء العصر، وكان وهو يتهيأ لتحقيق هذا السفر الفريد وتدقيقه وضبطه، قد استحضر - حفظه اللّه - كلَّ المصادر والموارد التي اعتمدها العلَّامة السهارنفوري مخطوطِها ومطبوعِها على عُسر ذلك وصعوبته وتكاليفه، كما استخدم كل ما طالتْه يدُه من نسخ "البخاري" الأخرى، وفي مقدمتها النسخة السلطانية التي أمر بإخراجها في أكمل صورة الخليفة العثماني الرابع والثلاثون السلطان عبد الحميد الثاني - طيَّب اللّه ثراه - (١)، وهي نسخة محقَّقة مقابلة على عشرات الأصول، وفي مقدمتها نسخة اليونيني، ودقِّقتْ من ستة عشر عالمًا من نُجباء علماء الأزهر الشريف، وطبعت سنة ١٣١١ هـ بمطبعة بولاق، فكانت مفخرة هذه الطبعة، وتاجَ النسخ بلا منازعٍ.

والشيخ تقي الدين الندوي وظَّف خِبْرةَ أكثر من نصف قرن من الدراسة والبحث والتحقيق، في خدمة هذا السفر الجليل، فقدَّم نصوصًا


(١) ولد سنة ١٢٥٧ هـ/ ١٨٤٢ م، وتوفي رحمه اللّه سنة ١٣٢٦ هـ/ ١٩١٨ م، وتولَّى الخلافة سنة ١٢٩٢ هـ / ١٨٧٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>