للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَاءَ، فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسى، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنْ أَخٍ وَنَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فَقِيلَ: مَا أَبْكَاكَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا الْغُلَامُ (١) الَّذِي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَفْضلُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي. فَأَتَيْنَا السَّمَاءَ السَّابِعَةَ (٢)، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قِيلَ: جِبْرَئِيلُ،

"فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ" لفظ "عليه" ثبت في هـ، ذ، وكذا الآتي.

===

(١) قوله: (هذا الغلام … ) إلخ، قال الخطابي في شرحه على "البخاري" (٢/ ١٤٧٩): والذي يُشْكِلُ معناه من هذا الفصل: بكاءُ موسى صلوات الله عليه، وقوله: "يا ربِّ هذا الغلام الذي بُعِثَ بعدي … " إلخ، ولا يجوز أن يُتَأَوَّلَ بكاؤه على معنى المحاسدة والمنافسة فيما أُعطيه من الكرامة، فإن ذلك لا يليق بصفات الأنبياء وأخلاق الأَجِلّة (١) من الأولياء، وإنما بكى -صلى الله عليه وسلم- لنفسِه وأمتِه لبخس حظِّ أمته، إذ قَصَرَ عَدَدهم عن مبلغ عدد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وذلك من جهة الشفقة على أمته وتمنِّي الخير لهم، وقد يليق هذا بصفات الأنبياء وشَمَائلهم. وأما قوله: "هذا الغلام" فإنه ليس على معنى الازْدراء (٢) والاستصغار بشأنه، وإنما هو على تعظيم مِنّة الله عليه فيما آتاه وأناله من النعمة وأَتْحَفَه من الكرامة من غير طُولِ عمرٍ أفناه مجتهدًا في طاعته، وقد تُسمِّي العرب الرجل الْمُسْتَجْمِعَ السَّنَّ غلامًا ما دام فيه بقيّةٌ من القوة، وذلك في لغتهم مشهور، انتهى كلام الخطابي.

(٢) قوله: (السماء السابعة) فإن قلت: مرّ في "الصلاة" (برقم: ٣٤٩) أن إبراهيم عليه السلام في السادسة؟ قلت: لعله وجده في السادسة، ثم ارتقى هو أيضًا إلى السابعة، كذا في "الكرماني" (١٣/ ١٦٦)، وأيضًا إذا ثبت تعدُّدُ


(١) في الأصل: والأخلاق الأجلة.
(٢) في الأصل: الإزراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>