وشعرًا بهذا الخبر فقال: وحكى لي شيخنا شهاب الدين أبو الثناء محمود أنه رأى (آل مرا) حين جاءوا تلك الكرة. قال: كنت جالسًا على سطح باب الإسطبل السلطاني بدمشق وقد أقبلوا زهاء أربعة آلاف فارس شاكين في السلاح على الخيل المسومة والجياد المطهمة، وعليهم الكزغندات الحمر من الأطلس المعدني، والديباج الرومي، وعلى رؤوسهم البيض، مقلدين بالسيوف، بأيديهم الرماح كأنهم صقور على صقور؛ وأمامهم العبيد تميل على الركائب، ويرقصون بتراقص المهاري، وبأيديهم الجنائب التي ظلت إليهم عيون الملوك صورًا ووراءهم الظعائن والحمول، قال: وكانت معهم مغنية لهم تعرف بالحضرمية، وكانت لها سمعة طائرة في زمانها، ورأيتها سافرة من الهودج وهي تغني:
وكنا حسبنا كل بيضاء شحمةً … ليالي لاقينا جذامًا وحميرا
ولما لاقينا عصبة تغلبيةً … يقودون جردًا للمنية ضُمَّرا
فلما قرعنا النبع بالنبع بعضهُ … ببعض أبت عيدانه أن تكسرا
سقيناهم كأسًا سقونا بمثلها … ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
فقال رجل كان إلى جانبي: هكذا يكون ورب الكعبة! فكان الأمر كما قال: فإن الكسرة كانت أولا على المسلمين،. . ثم كانت النصرة لهم، واستحر القتل بالتتار (انتهى).
ولا شك أن تلك الخيول بقيت أصولها متوارثة بين قبائل الشمال، كقبيلة شمّر وقبيلة الظفير وقبيلة عنزة وغيرها.
ومما عرف من خيل الفضول في العصور الأخيرة (هدب النزحي) وهو من آل عيسى، وعوَّاض النزحي، وسليمان بن عفير النزحي، ومن خيلهم أيضًا فرع من (الصقلاويات) من (كحيلات العجوز) كانت لآل مهنا، ثم انتقلت للموالي، ومن خيل (آل فضل) المعروفة (الوذنات الخرسانية) إذا (الخرسان) بطن منهم، و (شويمة الودك) و (أم معارف الكحيلة) وهي أصل (الخيل الهدب). انتهى.