أظن الدهر قد آلى فبرا … بأن لا يكسب الأموال حُرَّا
كأنَّ صفائح الأحرارِ أَرْدَتْ … أباه فحارب الأبرار طُرَّا
وأمكنَ منِ رقَاب المال قَومًا … وملَّكهم بها نَفعًا وضَرَّا
وأصبحَ كِلُّ ذي شَرفٍ رَكُوبًا … لأعنَاق الدُّجَى بحرًا وبَرَّا
يُهتِّك جَيبَ درعْ الليل عنه … إذا مَا جَيبُ درع الليل ذُرَّا
يُراقب للغنى وجهًا ضحوكًا … ووجهًا للمنية مكفهِّرًا
ليكْسِبَ من أقَاصِي الأرض مالًا … يَحُلُّ به المحلَّ المُشْمَخِرَّا
ومن جَعل الظلَامَ له قَعُودا … أصاب به الدُّجَى خيرًا وشرَّا
وله أيضًا:
كفى حزَنًا أني أرى من أحبه … [لدي] (١) صريعًا لا أُطيق له نفعا
سوى أنني أدعو له اللَّه مخلصًا … وأُذرى على خدّي بمصرعه دمعا (٢)
وقال عبد اللَّه أيضًا:
حَذِرْتُ الهوَى حتى رُميتُ مِنَ الهوَى … بأَصْرَد سَهمٍ في قِسيِّ الحَوَاجِبِ
رَمَينَ فَأَصْمَيَّنَ القلوبَ مَكَانها … وَتُخْطيَ يَدُ الرامي له في المغايب (٣)
وقال أيضًا:
جَعَلَتْ تُواصِلُ بالدمُوع دُموعا … جَزَعًا ولَم تَكُ قَبْلَ ذاك جَزُوعا
وَجَرى لَهَا دَمْعٌ يُعصْفرُهُ دَمٌ … في صَحنِ وَجْنتها فَعَادَ نَجيعا
فَكَأنَّهُ خَرَزُ العَقيقِ مُفَصّلا … بالدُّر يُحسَبُ سِلْكُهُ مَقْطُوعَا (٤)
وقال أيضًا:
ومُعرِضة تَظنُ الهجرَ فَرضَا … تَخَالُ لِحاظَها للضَّعْفِ مَرْضِى
كَأني قَتَلتُ لها قَتِيلا … فَمَا مني بغيرِ الهَجْرِ تَرْضَى (٥)
(١) زيادة ليستقيم الوزن مأخوذة من المختصر.
(٢) طبقات الشعراء/ ٣٦٤، ٣٦٥.
(٣) المحب والمحبوب والمشموم والمشروب ١/ ٨٧.
(٤) المحب والمحبوب والمشموم والمشروب ٢/ ١١٧.
(٥) المحب والمحبوب والمشموم والمشروب ٣/ ١٢٠.