للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم كلمة تذل لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها الجزية العجم، كلمة واحدة ". قال: ما هي؟ قال: " لا إله إلا الله " قال فقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب! قال: ونزل فيهم: (ص والقرآن ذي الذكر) الآيات إلى قوله: (إلا اختلاق) [ص: ١ - ٧] ثم قد عارضه - أعني سياق ابن إسحاق - ما هو أصح منه، وهو ما رواه البخاري قائلا: حدثنا محمود [بن غيلان] حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري عن ابن المسيب عن أبيه (١) . أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي وعنده أبو جهل. فقال: " أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله ". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر ما كلمهم به: على ملة عبد المطلب. فقال النبي : " لأستغفر لك ما لم أنه عنك " فنزلت: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) [التوبة: ١١٢] ونزلت: (إنك لا تهدي من أحببت) ورواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم وعبد الله عن عبد الرزاق (٢). وأخرجاه أيضا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه بنحوه وقال فيه: فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعودان له بتلك المقالة حتى قال آخر ما قال: على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال النبي : " أما لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " فأنزل الله - يعني بعد ذلك -: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى) ونزل في أبي طالب: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) وهكذا روى الإمام أحمد ومسلم والترمذي والنسائي من حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله : فقال: " يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة " فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون ما حمله عليه إلا فزع (٣) الموت لأقررت بها عينك، ولا أقولها إلا لأقر بها عينك. فأنزل الله ﷿: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) [القصص: ٥٦] وهكذا قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة إنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله أن يقول لا إله إلا الله فأبى أن يقولها، وقال: هو على ملة الأشياخ وكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب. ويؤكد هذا كله ما قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى [بن محمد بن يحيى]، عن سفيان عن عبد الملك بن عمير حدثني عبد الله بن الحارث [بن


(١) وهو المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم والد سعيد بن المسيب.
(٢) أخرجه البخاري في ٦٥ كتاب التفسير تفسير سورة التوبة ١٦ باب فتح الباري ٨/ ٣٤١ وفي تفسير سورة القصص (١) باب فتح الباري ٨/ ٥٠٦ وفي ٧/ ١٩٣ ومسلم في (١) كتاب الايمان (٩) باب ح ٤٠ صفحة ١/ ٥٤.
(٣) في مسلم: جزع بالجيم والزاي ومعناه الخوف وقال أبو عبيد: الخرع بالخاء والراء: يعني الضعف والخور.

<<  <  ج: ص:  >  >>