للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علي بن أحمد السميري]

نسبة إلى قرية بأصبهان، كان وزير السلطان محمود، وكان مجاهرا بالظلم والفسق، وأحدث على الناس مكوسا، وجددها بعد ما كانت قد أزيلت من مدة متطاولة، وكان يقول: قد استحييت من كثرة ظلم من لا ناصر له، وكثرة ما أحدثت من السنن السيئة، ولما عزم على الخروج إلى همذان أحضر المنجمين فضربوا له تخت رمل لساعة خروجه ليكون أسرع لعودته، فخرج في تلك الساعة وبين يديه السيوف المسلولة، والمماليك الكثيرة بالعدد الباهرة، فما أغنى عنه ذلك شيئا، بل جاءه باطني فضربه فقتله، ثم مات الباطني بعده، ورجع نساؤه بعد أن ذهبن بين يديه على مراكب الذهب، حاسرات عن وجوههن، قد أبدلهن الله الذل بعد العز، والخوف بعد الامن، والحزن بعد السرور والفرح، جزاء وفاقا، وذلك يوم الثلاثاء سلخ صفر، وما أشبه حالهن بقول أبي العتاهية في الخيزران وجواريها حين مات المهدي:

رحن في الوشي عليهن المسوح … كل بطاح من الناس له يوم يطوح

لتموتن ولو عمرت ما عمر نوح … فعلى نفسك نح إن كنت لا بد تنوح

[الحريري صاحب المقامات]

القاسم بن علي بن محمد بن محمد بن عثمان، فخر الدولة أبو محمد الحريري. مؤلف المقامات التي سارت بفصاحتها الركبان، وكاد يربو فيها على سحبان، ولم يسبق إلى مثلها ولا يلحق، ولد سنة ست وأربعين وأربعمائة وسمع الحديث واشتغل باللغة والنحو، وصنف في ذلك كله، وفاق أهل زمانه، وبرز على أقرانه، وأقام ببغداد وعمل صناعة الانشاء مع الكتاب في باب الخليفة، ولم يكن ممن تنكر بديهته ولا تتعكر فكرته وقريحته. قال ابن الجوزي: صنف وقرأ الأدب واللغة، وفاق أهل زمانه بالذكاء والفطنة والفصاحة، وحسن العبارة، وصنف المقامات المعروفة التي من تأملها عرف ذكاء منشئها، وقدره وفصاحته، وعلمه. توفي في هذه السنة بالبصرة. وقد قيل إن أبا زيد والحارث بن همام المطهر لا وجود لهما، وإنما جعل هذه المقامات من باب الأمثال، ومنهم من يقول أبو زيد بن سلام السروجي كان له وجود، وكان فاضلا، وله علم ومعرفة باللغة فالله أعلم. وذكر ابن خلكان أن أبا زيد كان اسمه المطهر بن سلام (١)، وكان بصريا فاضلا في النحو واللغة، وكان يشتغل عليه الحريري بالبصرة، وأما الحارث بن همام فإنه غني بنفسه، لما جاء في الحديث كلكم حارث وكلكم همام. كذا قال ابن خلكان. وإنما اللفظ المحفوظ " أصدق الأسماء حارث وهمام " لان كل أحد


(١) في ابن خلكان ٤/ ٦٤ وأنباء الرواة ٣/ ٢٧٦: سلار.

<<  <  ج: ص:  >  >>