للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل يا رسول الله إن الناس قد اشتد عليهم الصوم وإنما ينظرون كيف فعلت؟ فدعا رسول الله بقدح فيه ماء فرفعه فشرب والناس ينظرون، فصام بعض الناس، وأفطر البعض حتى أخبر النبي أن بعضهم صائم فقال رسول الله " أولئك العصاة " (١) وقد رواه مسلم من حديث الثقفي والدراوردي عن جعفر بن محمد. وروى الإمام أحمد: من حديث محمد بن إسحاق حدثني بشير بن يسار عن ابن عباس قال: خرج رسول الله عام الفتح في رمضان. فصام وصام المسلمون معه، حتى إذا كان بالكديد دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون يعلمهم أنه قد أفطر، فأفطر المسلمون، تفرد به أحمد.

[فصل]

في إسلام العباس بن عبد المطلب عم النبي وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي أخي أم سلمة أم المؤمنين وهجرتهم إلى رسول الله فوجدوه في أثناء الطريق وهو ذاهب إلى فتح مكة.

قال ابن إسحاق: وقد كان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله ببعض الطريق، قال ابن هشام: لقيه بالجحفة مهاجرا بعياله، وقد كان قبل ذلك مقيما بمكة على سقايته، ورسول الله عنه راض فيما ذكره ابن شهاب الزهري. قال ابن إسحاق: وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية قد لقيا رسول الله أيضا بنيق العقاب، فيما بين مكة والمدينة والتمسا الدخول عليه، فكلمته أم سلمة فيهما فقالت: يا رسول الله إن ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال " لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي، وأما ابن عمتي فهو الذي قال لي بمكة ما قال " (٢) قال فلما خرج إليهما الخبر بذلك ومع أبي سفيان بني له فقال: والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا ثم لنذهبن في الأرض ثم نموت عطشا وجوعا. فلما بلغ ذلك النبي رق لهما ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما (٣)، وأنشد أبو سفيان قوله في


(١) في مسلم: " أولئك العصاة أولئك العصاة " هكذا هو مكرر مرتين. وهذا محمول على من تضرر بالصوم. أو انهم أمروا بالفطر أمرا جازما، لمصلحة بيان جوازه، فخالفوا الواجب، وعلى التقديرين لا يكون الصائم اليوم في السفر، عاصيا إذا لم يتضرر به.
(٢) قال له يومذاك: والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وأنا انظر، ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون ان الله قد أرسلك. قاله السهيلي (الروض ٢/ ٢٦٧).
وقال الواقدي في مغازيه: لما بعث رسول الله عاداه معاداة لم يعاد أحد قط. ولم يكن دخل الشعب وهجا رسول الله وهجا أصحابه. ومكث (على قول الواقدي) عشرين سنة عدوا لرسول الله، لا يتخلف عن موضع تسير فيه قريش لقتال رسول الله .
(٣) الخبر في سيرة ابن هشام ٤/ ٤٢ ومغازي الواقدي ج ٢/ ٨١٠ وقال الواقدي وجها آخر لاسلام أبي سفيان رواه من طريق عبد الرحمن بن سابط. راجع المغازي ٢/ ٨٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>