رسول الله ﷺ إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه، أما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي ﷺ بيده اليمنى: هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال هذه لعثمان اذهب بهذا الآن معك. وقد رواه البخاري أيضا في موضع آخر والترمذي من حديث أبي عوانه عن عثمان بن عبد الله بن موهب به. وقال الأموي في مغازيه عن ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عن جده سمعت رسول الله ﷺ يقول، وقد كان الناس انهزموا عنه حتى بلغ بعضهم إلى المبقى دون الأعوص، وفر عثمان بن عفان وسعد بن عثمان رجل من الأنصار حتى بلغوا الجلعب جبل بناحية المدينة مما يلي الأعوص فأقاموا ثلاثا ثم رجعوا، فزعموا أن رسول الله ﷺ قال لهم. لقد ذهبتم فيها عريضة. والمقصود أن أحدا وقع فيها أشياء مما وقع في بدر، منها حصول النعاس حال التحام الحرب وهذا دليل على طمأنينة القلوب بنصر الله وتأييده وتمام توكلها على خلقها وبارئها. وقد تقدم الكلام على قوله تعالى في غزوة بدر:(إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) الآية وقال هاهنا (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم) يعني المؤمنين الكمل كما قال ابن مسعود وغيره من السلف: النعاس في الحرب من الايمان والنعاس في الصلاة من النفاق. ولهذا قال بعد هذا (طائفة قد أهمتهم أنفسهم) الآية. ومن ذلك أن رسول الله ﷺ استنصر يوم أحد كما استنصر يوم بدر بقوله:" إن تشأ لا تعبد في الأرض " كما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد وعفان قالا حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس أن رسول الله ﷺ كان يقول يوم أحد: " اللهم إنك أن تشأ لا تعبد في الأرض " ورواه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن عبد الصمد عن حماد بن سلمة به، وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابر بن عبد الله قال: قال رجل للنبي ﷺ يوم أحد: " أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال في الجنة، فألقى تمرات في يده ثم قاتل حتى قتل ". ورواه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به، وهذا شبيه بقصة عمير بن الحمام التي تقدمت في غزوة بدر ﵄ وأرضاهما.
فصل فيما لقي النبي ﷺ يومئذ من المشركين قبحهم الله
قال البخاري (١): ما أصاب النبي ﷺ من الجراح يوم أحد … حدثنا إسحاق بن نصر حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه سمع أبا هريرة قال: قال رسول الله ﷺ" اشتد غضب الله على قوم فعلوا بنبيه - يشير إلى رباعيته - اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله "
(١) في كتاب المغازي ٢٤ باب ما أصاب النبي ﷺ يوم أحد. ح ٤٠٧٣. ومسلم في ٣٢ كتاب الجهاد ٣٨ باب ح ١٠٦.