للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنبر، قال معاوية: قم يزيد اللهم إنا نتوسل إليك بخيارنا وصلحائنا، فيستسقي الله فيسقون، وكان يصلي الصلوات في الجامع بدمشق، وكان إذا خرج من القرية يريد الصلاة بالجامع في الليلة المظلمة يضئ له إبهام قدمه، وقيل أصابع رجليه كلها حتى يدخل الجامع، فإذا رجع أضاءت له حتى يدخل القرية. وذكروا أنه لم يدع شجرة في قرية زيدين إلا صلى عندها ركعتين، وكان يمشي في ضوء إبهامه في الليلة المظلمة ذاهبا إلى صلاة العشاء بالجامع بدمشق وآتيا إلى قريته، وكان يشهد الصلوات بالجامع بدمشق لا تفوته به صلاة. مات بقرية زيدين أو جرين من غوطة دمشق .

[ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين]

ففيها كانت وقعة عظيمة بين المهلب بن أبي صفرة وبين الأزارقة من الخوارج بمكان يقال له سولاق (١) ثم مكثوا نحوا من ثمانية أشهر متواقفين، وجرت بينهم حروب يطول بسطها، وقد استقصاها ابن جرير، وقتل في أثناء ذلك من هذه المدة مصعب بن الزبير، ثم إن عبد الملك أقر المهلب بن أبي صفرة (٢) على الأهواز وما معها، وشكر سعيه وأثنى عليه ثناء كثيرا، ثم تواقع الناس في دولة عبد الملك بالأهواز فكسر الناس الخوارج كسرة فظيعة، وهربوا في البلاد لا يلوون على أحد، واتبعهم خالد بن عبد الله أمير الناس وداود بن محندم (٣) فطردوهم، وأرسل عبد الملك إلى أخيه بشر بن مروان أن يمدهم بأربعة آلاف، فبعث إليه أربعة آلاف عليهم عتاب بن ورقاء فطردوا الخوارج كل مطرد، ولكن لقي الجيش جهدا عظيما وماتت خيولهم ولم يرجع أكثرهم إلا مشاة إلى أهليهم.

قال ابن جرير: وفي هذه السنة كان خروج أبي فديك الحارثي وهو من قيس بن ثعلبة، وغلب على البحرين، وقتل نجدة بن عامر الحارثي (٤)، فبعث إليه خالد بن عبد الله أمير البصرة أخاه أمية بن عبد الله في جيش كثيف، فهزمهم أبو فديك وأخذ جارية لأمية واصطفاها لنفسه،


(١) في الطبري ٧/ ١٩١: سولاف، وهي قرية في غربي، دجيل من أرض خوزستان قرب مناذر الكبرى (معجم
البلدان).
(٢) وكان خالد بن عبد الله بن أسيد قد عزل المهلب عن حرب الأزارقة وولاها أخاه عبد العزيز وولى المهلب خراج
الأهواز، فهزم عبد العزيز شر هزيمة فكتب خالد إلى عبد الملك يستخبره رأيه فكتب إليه عبد الملك: أما بعد فإن
خطابي فيك حين وليتك أمر العراق كخطأك في عبد العزيز حين توليه الحرب وتولي المهلب الخراج … فابعث
المهلب إلى حرب الأزارقة واضمم أخاك عبد العزيز إليه (انظر الطبري ٧/ ١٩٣ وابن الأعثم ٦/ ٣٠٣ وابن
الأثير ٤/ ٣٤٢ والكامل للمبرد ٢/ ٢٦١).
(٣) في الطبري ٧/ ١٩٤: داود بن قحذم. وانظر أيضا ابن الأثير ٤/ ٣٤٤.
(٤) في الطبري: الحنفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>