للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلام أبي ذر: حدثنا عمرو بن عباس حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن المثنى عن أبي حمزة عن ابن عباس. قال لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء. فاسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الآخر حتى قدمه وسمع من كلامه، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر. فقال ما شفيتني مما أردت. فتزود وحمل شنة فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس رسول الله ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه علي فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي حتى أمسى، فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال أما آن للرجل يعلم منزله فأقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شئ حتى إذا كان يوم الثالث فعاد على مثل ذلك فأقام معه فقال ألا تحدثني بالذي أقدمك؟ قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت. ففعل فأخبره. قال فإنه حق وانه رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، وإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي، ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه. فقال له النبي : " ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري " فقال والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلا صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم قام فضربوه حتى أضجعوه، فأتى العباس فأكب عليه فقال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار، وأن طريق تجارتكم إلى الشام. فأنقذه منهم. ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه هذا لفظ البخاري. وقد جاء إسلامه مبسوطا في صحيح مسلم وغيره فقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت [قال]: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار - وكان يحلون الشهر الحرام - أنا وأخي أنيس وأمنا فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وذي هيئة، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه فقالوا له: إنك إذا خرجت عن أهلك خلفك إليهم أنيس. فجاء خالنا فنثى ما قيل له (١) فقلت له: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لنا فيما بعد. قال: فقربنا صرمتنا (٢) فاحتملنا عليها وتغطى خالنا بثوبه وجعل يبكي، قال: فانطلقنا حتى نزلنا حضرة مكة، قال: فنافر أنيس من صرمتنا وعن مثلها (٣)، فاتيا الكاهن فخير أنيسا. فأتانا بصرمتنا


(١) في دلائل البيهقي: فنثا علينا ما قيل له: معناه - كما في النهاية - أظهره إلينا وحدثنا به.
(٢) الصرمة هي القطعة من الإبل وتطلق أيضا على القطعة من الغنم.
(٣) نافر: من المنافرة وهي المفاخرة والمحاكمة، فيفخر كل واحد من الرجلين على الآخر ثم يتحاكما إلى رجل ليحكم أيهما خير وأعز نفرا - وفي الشعر - أيهما أشعر.
هنا تراهن هو وآخر أيهما أفضل، وكان الرهن صرمة ذا وصرمة ذاك فالأفضل أخذ الصرمتين. وكان الحكم: كاهنا فحكم لأنيس بأنه الأفضل - وهو معنى قوله - فخير أنيسا، أي جعله الخيار والأفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>