للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سفيان الثوري عن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل (١) عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي : يشهد مع المشركين مشاهدهم قال: فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله . قال كيف نقوم خلفه، وإنما عهده باستلام الأصنام؟. قال فلم يعد بعد ذلك أن يشهد مع المشركين مشاهدهم. فهو حديث أنكره غير واحد من الأئمة على عثمان بن أبي شيبة حتى قال الإمام أحمد فيه لم يكن أخوه يتلفظ بشئ من هذا. وقد حكى البيهقي عن بعضهم (٢) أن معناه أنه شهد مع من يستلم الأصنام وذلك قبل أن يوحى إليه والله أعلم. وقد تقدم في حديث زيد بن حارثة أنه اعتزل شهود مشاهد المشركين حتى أكرمه الله برسالته. وثبت في الحديث أنه كان لا يقف بالمزدلفة ليلة عرفة بل كان يقف مع الناس بعرفات كما قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق. حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عثمان بن أبي سليمان عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه جبير. قال: لقد رأيت رسول الله وهو على دين قومه وهو يقف على بعير له بعرفات من بين قومه حتى يدفع معهم، توفيقا من الله ﷿ له.

قال البيهقي (٣): معنى قوله على دين قومه ما كان بقي من إرث إبراهيم وإسماعيل ، [في حجهم ومناكحهم وبيوعهم، دون الشرك] ولم يشرك بالله قط صلوات الله وسلامه عليه دائما.

قلت: ويفهم من قوله هذا أيضا أنه كان يقف بعرفات قبل أن يوحى إليه. وهذا توفيق من الله له. ورواه الإمام أحمد عن يعقوب عن محمد بن إسحاق به. ولفظه رأيت رسول الله قبل أن ينزل عليه وإنه لواقف على بعير له مع الناس بعرفات حتى يدفع معهم توفيقا من الله. وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان عن عمرو عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أضللت بعيرا لي بعرفة (٤) فذهبت اطلبه فإذا النبي واقف فقلت إن هذا من الحمس (٥) ما شأنه ههنا؟ وأخرجاه


(١) في دلائل البيهقي: عبد الله بن محمد بن عقيل، أبو محمد المدني، الطالبي روى عنه ابن عمر وجابر قال فيه الترمذي صدوق، كان أحمد وإسحاق والحميري يحتجون بحديثه وتوفي فيما قاله الواقدي بعد سنة ١٤٠ هـ. (الكاشف ج ٢/ ١١٣ - التقريب والتهذيب ١/ ٤٤٧).
(٢) أبو القاسم الطبراني عن المعمري عن عثمان بن أبي شيبة.
قال ابن حجر: " هذا الحديث أنكره الناس، فبالغوا، والمنكر قوله عن الملك، " عهده باستلام الأصنام " فإن ظاهره أنه باشر الاستلام، وليس ذلك مرادا، بل المراد أنه شهد مباشرة المشركين استلام أصنامهم (المطالب العالية).
وفي السيرة الشامية: المراد بالمشاهد مشاهد الحلف ونحوها لا مشاهد استلام الأصنام.
(٣) دلائل النبوة ج ٢/ ٣٧.
(٤) كذا في الأصل والصواب: عرنة كما في سيرة ابن كثير وعرنة: واد بحذاء عرفات.
(٥) الحمس: جمع أحمس، وهو الشديد الصلب، وهم قريش وسميت حمسا لزعمهم بأنهم اشتدوا في دينهم إلى حد التزهد والتأله; ودخل معهم كنانة وخزاعة وقيل بنو عامر بن صعصعة. (راجع سيرة ابن هشام في تفاصيل مهمة حول الحمس).
وكانت قريش ومن يدين دينها يقفون عشية عرفة بالمزدلفة ويقولون: نحن قطن البيت.
وكان بقية الناس والعرب يقفون بعرفات: (البخاري - مسلم، كتاب الحج، أبو داود والنسائي في المناسك).

<<  <  ج: ص:  >  >>