للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان لا يبيت إلا سكران فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه، وبعثت بها مع مولى لها. ففتح الباب - ويقال بل دلتهم على نهر يدخل منه الماء متسع فولجوا منه إلى الحضر، ويقال بل دلتهم على طلسم كان في الحضر وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة ورقاء وتخضب رجلاها (١) بحيض جارية بكر زرقاء ثم ترسل فإذا وقعت على سور الحضر سقط ذلك الطلسم فيفتح الباب ففعل ذلك فانفتح الباب، فدخل سابو فقتل ساطرون واستباح الحضر وخربه وسار بها معه فتزوجها. فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تململ لا تنام فدعا لها بالشمع ففتش فراشها فوجد عليه ورقة آس (٢). فقال لها سابور أهذا الذي أسهرك! قالت: نعم؟ قال فما كان أبوك يصنع بك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج ويلبسني الحرير ويطعمني المخ ويسقيني الخمر (٣). قال: أفكان جزاء أبيك ما صنعت به. أنت إلي بذلك أسرع، فربطت قرون (٤) رأسها بذنب فرس ثم ركض الفرس حتى قتلها ففيه يقول أعشى بن قيس بن ثعلبة:

ألم تر للحضر إذ أهله … بن عمي وهل خالد من نعم

أقام به شاهبور الجنود … حولين تضرب فيه القدم

فلما دعا ربه دعوة … أناب إليه فلم ينتقم (٥)

فهل زاده ربه قوة … ومثل مجاورة لم يقم

وكان دعا قومه دعوة … هلموا إلى أمركم قد صرم

فموتوا كراما بأسيافكم … أرى الموت يجشمه من جشم

وقال عدي بن زيد في ذلك:

والحضر صابت عليه داهية … من فوقه أيد مناكبها (٦)

ربية لم توق والدها … لحينها إذ أضاع راقبها (٧)

إذ غبقته صهباء صافية … والخمر وهل يهيم شاربها

فأسلمت أهلها بليلتها … تظن أن الرئيس خاطبها (٨)


(١) في الطبري وابن الأثير والمسعودي: فاكتب في رجلها.
(٢) في الطبري وابن الأثير والمسعودي: ورقة من ورق الآس (الريحان) ملتزقة بعكنة من عكنها قد آثرت فيها.
(٣) في الطبري وابن الأثير والمسعودي: الزبد والمخ وشهد الأبكار من النحل وصفو الخمر:
(٤) ثم عصب غدائرها (الطبري - ابن الأثير - المسعودي).
(٥) كذا في ابن هشام والذي في الطبري:
فلما رأى ربه فعله … أتاه طروقا فلم ينتقم
(٦) كذا في ابن هشام: وفي المسعودي: صبت بدل صابت. وعجزه: من قصره قد أبد ساكنها.
(٧) كذا في ابن هشام وفي المسعودي: ربيبة بدل ربية.
(٨) كذا في ابن هشام والذي في المسعودي: وأسلمت أهلا لليلتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>