للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيات قال : " ذاك عرش إبليس " … هكذا رواه في مسند جابر.

وقال في مسند أبي سعيد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله قال لابن صائد: " ما ترى قال: أرى عرشا على البحر حوله الحيات "، فقال. رسول الله : " صدق; ذاك عرش إبليس ".

وروى الإمام أحمد من طريق معاذ التميمي وأبي الزبير (١) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله : " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون ولكن في التحريش (٢) بينهم " … وروى الإمام مسلم من حديث الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر عن النبي قال " إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة. يجئ أحدهم فيقول ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا. فيقول إبليس لا والله ما صنعت شيئا. ويجئ أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله. قال فيقربه ويدنيه ويقول نعم أنت " يروى بفتح النون بمعنى نعم أنت ذاك الذي تستحق الاكرام. وبكسرها أي نعم منك … وقد استدل به بعض النحاة على جواز كون فاعل نعم مضمرا وهو قليل … واختار شيخنا الحافظ أبو الحجاج الأول ورجحه ووجهه بما ذكرناه والله أعلم.

وقد أوردنا هذا الحديث عند قوله تعالى (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) (٣) يعني أن السحر المتلقي عن الشياطين من الإنس والجن يتوصل به إلى التفرقة بين المتآلفين غاية التآلف المتوادين المتحابين ولهذا يشكر إبليس سعى من كان السبب في ذلك. فالذي ذمه الله يمدحه والذي يغضب الله يرضيه عليه لعنة الله … وقد أنزل الله ﷿ سورتي المعوذتين مطردة لأنواع الشر وأسبابه وغاياته. ولا سيما سورة (قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) (٤). وثبت في الصحيحين عن أنس. وفي صحيح البخاري عن صفية بنت حسين (٥) أن رسول الله قال: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " (٦).


(١) في المسند ماعز التميمي وسقط اسم أبي الزبير.
(٢) قوله في التحريش: متعلق بمقدر محذوف أي أن الشيطان سعى في التحريش بين المصلين عن طريق بث الخصومات
والبغضاء والحروب والفتن وغيرها.
(٣) سورة البقرة الآية ١٠٢.
(٤) سورة الناس الآية ٤.
(٥) عند مسلم صفية بنت حيي زوج النبي وهو الصواب.
(٦) قال القاضي عياض وغيره: قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الانسان في
مجاري دمه، وقيل هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الانسان كما لا يفارقه دمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>