للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) [الكهف: ٦٠ - ٨٢].

قال بعض أهل الكتاب إن موسى هذا الذي رحل إلى الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل وتابعهم على ذلك بعض من يأخذ من صحفهم وينقل عن كتبهم منهم نوف بن فضالة الحميري الشامي البكالي. ويقال إنه دمشقي وكانت أمه زوجة كعب الأحبار … والصحيح (١) الذي دل عليه ظاهر سياق القرآن ونص الحديث الصحيح الصريح المتفق عليه أنه موسى بن عمران صاحب بني إسرائيل. قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. قال ابن عباس كذب عدو الله. حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله يقول: " إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: يا رب وكيف لي به؟ قال تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل (٢) فحيثما فقدت الحوت فهو ثم. فأخذ حوتا فجعله بمكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤسهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه، فسقط في البحر واتخذ سبيله في البحر سربا. وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ. نسي صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد (قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) [الكهف: ٦٢] ولم يجد موسى النصب (٣) حتى جاوز المكان الذي آمره الله به [قال] له فتاه: (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا) [الكهف: ٦٣] قال فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا (قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا) قال فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه موسى فقال الخضر وإني بأرضك السلام قال أنا موسى فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا (قال إنك لن تستطيع معي صبرا) يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه فقال (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) قال له الخضر (فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) فانطلقا يمشيان على ساحل البحر [ليس لهما سفينة] فمرت


(١) قال الطبري في معرض تشكيكه: ويزعم أهل التوراة أن الذي طلب الخضر موسى بن ميشا; ويتابع في رواية أخرى: وكان الخضر في أيام موسى بن عمران.
(٢) مكتل: زنبيل يسع خمسة عشر صاعا.
(٣) في البخاري: مسا من النصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>