للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سره كرم الحياة فلا يزل … في مقنب من صالحي الأنصار (١)

ورثوا المكارم كابرا عن كابر … إن الخيار هموا بنوا الأخيار

المكرهين السمهري بأذرع … كسوالف الهندي غير قصار

والناظرين بأعين محمرة … كالجمر غير كليلة الابصار

والبائعين نفوسهم لنبيهم … للموت يوم تعانق وكرار (٢)

يتطهرون يرونه نسكا لهم … بدماء من علقوا من الكفار

دربوا كما دربت بطون خفية … غلب الرقاب من الأسود ضواري (٣)

وإذا حللت لينعوك إليهم … أصبحت عند معاقل الأعفار (٤)

ضربوا عليا يوم بدر ضربة … دانت لوقعتها جميع نزار

لو يعلم الأقوام علمي كله … فيهم لصدقني الذين أماري

قوم إذا خوت النجوم فإنهم … للطارقين النازلين مقارى (٥)

قال ابن هشام: ويقال إن رسول الله قال له حين أنشده بانت سعاد " لو ذكرت الأنصار بخير فإنهم لذلك أهل " فقال كعب هذه الأبيات وهي في قصيدة له. قال وبلغني عن علي ابن زيد بن جدعان: أن كعب بن زهير أنشد رسول الله في المسجد بانت سعاد فقلبي اليوم متبول. وقد رواه الحافظ البيهقي باسناده المتقدم إلى إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثني معن بن عيسى، حدثني محمد بن عبد الرحمن الأفطس (٦) عن ابن جدعان فذكره وهو مرسل. وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب بعد ما أورد طرفا من ترجمة كعب بن زهير إلى أن قال: وقد كان كعب بن زهير شاعرا مجودا كثير الشعر مقدما في طبقته هو وأخوه بجير وكعب أشعرهما وأبو هما زهير فوقهما ومما يستجاد من شعر كعب بن زهير قوله:

لو كنت أعجب من شئ لأعجبني … سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها … فالنفس واحدة والهم منتشر

والمرء ما عاش ممدود له أمل … لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر (٧)


(١) مقنب: الجماعة من الخيل. ويريد بهم القوم على ظهور جيادهم.
(٢) بعده في ابن هشام:
والقائدين الناس عن أديانهم … بالمشرفي وبالقنا الخطار
(٣) دربوا: تعوذا. غلب الرقاب: غلاظ الأعناق.
(٤) الأعفار: جمع عفر، وهو ولد الوعل.
(٥) المقاري: جمع مقراة، وهي الجفنة التي يصنع فيها الطعام للأضياف.
(٦) في الدلائل: الأوقص. ج ٥/ ٢١١.
(٧) الأبيات في الاستيعاب على هامش الإصابة ٣/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>