قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَزَنَيْتُ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي، فَرَدَّهُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ - فَجَاءَتْ الْغَامِدِيَّةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَأَنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا؟ فَوَاَللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى، قَالَ أَمَّا الْآنَ فَاذْهَبِي وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ - فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ - وَفِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ - فَقَالَتْ: هَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ فَطَمْتُهُ، وَقَدْ أَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ إلَى صَدْرِهَا وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا - فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَرَمَى رَأْسَهَا فَنَضَحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَّهُ إيَّاهَا، فَقَالَ: مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ» .
قَالُوا: فَهَذَا مَاعِزٌ قَدْ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ الرَّجْمِ بِإِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ، وَبِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ - وَهَذِهِ الْغَامِدِيَّةُ، وَالْجُهَيْنِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَدْ تَابَتَا أَتَمَّ تَوْبَةٍ وَأَصَحَّهَا، مَقْبُولَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِإِخْبَارِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ تُسْقِطْ هَذِهِ التَّوْبَةُ عَنْهُمْ الْحَدَّ.
قَالُوا: وَكَذَلِكَ أَيْضًا «حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ قَذَفُوا عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -؟» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ - كَمَا ذَكَرْنَا - وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ [فَنَتْبَعَهُ] بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ: فَنَظَّرْنَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى الْحُدُودَ سَاقِطَةً بِالتَّوْبَةِ.
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُ مُرْسَلًا، فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيث عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، فَوَجَدْنَاهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ وَهُوَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ، شَهِدَ بِذَلِكَ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، فَسَقَطَ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، فَوَجَدْنَا الْأَوَّلَ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَاهِلِيِّ، فَوَجَدْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute