للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ.

أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَأَوْثَقُ، فَزَادَ فِيهِ بَيَانًا -: كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ أَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ أَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَرَّاسٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ مُوسَى، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَا جَمِيعًا: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرْزُقُنَا تَمْرًا مِنْ تَمْرِ الْجَمْعِ، فَنَسْتَبْدِلُ تَمْرًا أَطْيَبَ مِنْهُ وَنَزِيدُ فِي السِّعْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَصْلُحُ هَذَا لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلَا دِرْهَمَانِ بِدِرْهَمٍ، وَلَا الدِّينَارُ بِدِينَارَيْنِ، وَلَا الدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا إلَّا رِبًا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَصْلُحُ، هَذَا لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ» إشَارَةٌ إلَى التَّمْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ، لَا يُمْكِنُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلًا، بَدَأَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: " لَا يَصْلُح " مُشِيرًا إلَى فِعْلِهِمْ، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْكَلَامَ فَقَالَ: " هَذَا لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ " فَ " هَذَا، ابْتِدَاءٌ، وَ " لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ " جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ خَبَرِ الِابْتِدَاءِ وَانْتَصَبَ " صَاعَيْنِ بِصَاعٍ " عَلَى التَّمْيِيزِ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا يَصْلُحُ هَذَا، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: لَا يَصْلُحُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، دُونَ أَنْ يَكُونَ فِي يَصْلُحُ الثَّانِيَةِ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إلَى مَذْكُورٍ، أَوْ مُشَارٍ إلَيْهِ لَكَانَ لَحْنًا لَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ.

وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمَقْطُوعِ بِهِ أَنْ يَكُونَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَلْحَنُ، وَلَا يَحِلُّ إحَالَةُ لَفْظِ الْخَبَرِ مَا دَامَ يُوجَدُ لَهُ وَجْهٌ صَحِيحٌ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ. وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، الَّذِي فِيهِ «وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ» فَإِنَّهُمْ جَسَرُوا هَهُنَا عَلَى الْكَذِبِ الْبَحْتِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَطَعُوا بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: لَا يَحِلُّ التَّفَاضُلُ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ بِجِنْسِهِ، وَلَا النَّسِيئَةُ، فَاقْتَصَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ عَلَى أَنْ قَالَ " وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ ".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَيَانِ، وَأَمَّا بِالْإِشْكَالِ فِي الدِّينِ، وَالتَّلَبُّسِ فِي الشَّرِيعَةِ: فَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ فِي التَّلْبِيسِ، وَالْإِشْكَالِ: أَكْثَرُ مِنْ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>