للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَنْعِ مِنْ التَّذْكِيَةِ حَيْثُ كَانَ الْعَظْمُ أَوْ أَيُّ عَظْمٍ كَانَ -: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُدُودِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَمَا عَجَزَ عَنْ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ الْعَظْمُ وَالظُّفْرُ، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَأُمِرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْبَيَانِ. فَلَوْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرَادَ تَحْرِيمَ الذَّكَاةِ بِالْعَظْمِ لَمَا تَرَكَ أَنْ يَقُولَهُ وَلَا اسْتَعْمَلَ التَّحْلِيقَ وَالْإِكْثَارَ بِلَا مَعْنَى فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى ذِكْرِ السِّنِّ، فَهَذَا هُوَ التَّلْبِيسُ وَالْإِشْكَالُ لَا الْبَيَانُ، وَنَحْنُ وَهُمْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَكَمَ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّذْكِيَةِ بِالسِّنِّ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِ عَظْمًا، وَنَحْنُ مُوقِنُونَ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ أَرَادَ كُلَّ عَظْمٍ لَمَا سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ زَادُوا فِي حُكْمِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ. وَأَيْضًا فَقَدْ تَنَاقَضُوا فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَعَلَ السَّبَبَ فِي مَنْعِ التَّذْكِيَةِ بِالظُّفْرِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ مُدَى الْحَبَشَةِ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَطْرُدُوا أَصْلَهُمْ فَيَمْنَعُوا التَّذْكِيَةَ بِمُدَى الْحَبَشَةِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا فَإِنْ ادَّعَوْا هَهُنَا إجْمَاعًا كَانُوا كَاذِبِينَ قَائِلِينَ مَا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ. وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَرِهَ ذَبِيحَةَ الزِّنْجِيِّ. وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا نَجْعَلُ كَوْنَ مَا يُذَكَّى بِهِ مِنْ مُدَى الْحَبَشَةِ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ أَكْلِهِ إلَّا فِي الظُّفْرِ وَحْدَهُ، حَيْثُ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَجْعَلُ الْعَظْمِيَّةَ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ أَكْلِ مَا ذُكِّيَ بِمَا هِيَ فِيهِ إلَّا فِي السِّنِّ وَحْدَهُ، حَيْثُ جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: يُذْبَحُ بِكُلِّ شَيْءٍ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ السِّنِّ، وَالظُّفْرِ، وَالْعَظْمِ، وَالْقَرْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كُلُّ مَا فَرَى الْأَوْدَاجَ وَأَهْرَاقَ الدَّمَ، إلَّا الظُّفْرَ، وَالنَّابَ، وَالْعَظْمَ. وَرُوِيَ نَحْوُ قَوْلِنَا عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَيْضًا -:

<<  <  ج: ص:  >  >>