وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً سَوَاءً إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ أَوْ رُمِيَ بِآلَةٍ مَأْخُوذَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ - فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ فَلَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا وَلَا نَعْلَمُ لَهُمَا فِيهِ سَلَفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا حُجَّةَ أَصْلًا لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ؛ بَلْ هُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى مَا نُورِدُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ جُمْلَةً، وَبَقِيَ قَوْلُنَا، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ -: فَوَجَدْنَا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ «رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكَ، أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ كَلَامِنَا فِي التَّذْكِيَةِ بِإِسْنَادِهِ. فَأَمَّا نَحْنُ فَتَعَلَّقْنَا بِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَمْ نَتَعَدَّهُ وَلَمْ نُحَرِّمْ إلَّا مَا ذُبِحَ أَوْ رُمِيَ بِسِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ فَقَطْ، وَلَمْ نَجْعَلْ الْعَظِيمَةَ سَبَبًا لِلْمَنْعِ مِنْ الذَّكَاةِ إلَّا حَيْثُ جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَبًا لِذَلِكَ، وَهُوَ السِّنُّ، وَالظُّفْرُ فَقَطْ. وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ التَّذْكِيَةِ بِعِظَامِ الْخِنْزِيرِ، وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، أَوْ سِبَاعِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، أَوْ الطَّيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْخِنْزِيرِ: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] «وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ» فَهِيَ كُلُّهَا رِجْسٌ، وَالرِّجْسُ وَاجِبٌ اجْتِنَابُهُ، وَلَا يَحِلُّ إمْسَاكُهَا إلَّا حَيْثُ أَبَاحَهَا نَصٌّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا مِلْكُهَا وَرُكُوبُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَبَيْعُهَا وَابْتِيَاعُهَا يَعْنِي الْحُمُرَ فَقَطْ. وَمَنَعْنَا مِنْ التَّذْكِيَةِ بِعِظَامِ سِبَاعِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالطَّيْرِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا جُمْلَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ فَلَمْ نُحِلَّ مِنْهَا إلَّا مَا أَحَلَّهُ النَّصُّ مِنْ تَمَلُّكِهَا لِلصَّيْدِ بِهَا وَابْتِيَاعِهَا لِذَلِكَ فَقَطْ وَإِلَّا فَهِيَ حَرَامٌ وَبَعْضُ الْحَرَامِ حَرَامٌ. وَأَمَّا عَظْمُ الْإِنْسَانِ فَلِأَنَّ مُوَارَاتَهُ فَرْضٌ كَافِرًا كَانَ أَوْ مُؤْمِنًا. وَأَبَحْنَا التَّذْكِيَةَ بِعِظَامِ الْمَيِّتَةِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» وَحُرِّمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْعُهَا وَالدُّهْنُ بِشَحْمِهَا، فَلَا يَحْرُمُ مِنْ الْمَيِّتَةِ شَيْءٌ إلَّا ذَلِكَ وَلَا مَزِيدَ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا «بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ عَظْمٌ» فَجَعَلَ الْعَظْمِيَّةَ عِلَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute