للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْلًى لَهُ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَنِي بِمَا قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ: نَعَمْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقُلْت: أُعَرِّفُ بِالْهَدْيِ؟ فَقَالَتْ: لَا عَلَيْك أَنْ لَا تُعَرِّفَ بِهِ.

وَعَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ: لَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا تُعَرِّفَ بِهِ.

وَعَنْ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَعْرِيفِ بَدَنَةٍ أُدْخِلَتْ مِنْ الْحِلِّ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ لَمْ يَرَ هَدْيًا إلَّا مَا عُرِّفَ بِهِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ يَأْتِ أَمْرٌ بِتَعْرِيفِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا يَجِبُ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي أَحَدِهِمَا، وَلَا قِيَاسَ يُوجِبُ ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنَاسِكَ الْحَجِّ إنَّمَا تَلْزَمُ النَّاسَ لَا الْإِبِلَ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: وَلَا هَدْيَ عَلَى الْقَارِنِ غَيْرُ الْهَدْيِ الَّذِي سَاقَ مَعَ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ، وَهُوَ هَدْيُ تَطَوُّعٍ سَوَاءٌ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكِّيٍّ فَإِنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: عَلَى الْقَارِنِ هَدْيٌ وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ فِي تَعْوِيضِ الصَّوْمِ مِنْهُ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، وَلَيْسَ عَلَى الْمَكِّيِّ عِنْدَهُمَا هَدْيٌ، وَلَا صَوْمٌ إنْ قَرَنَ، كَمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّمَتُّعِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ أَنَّ مَكِّيًّا قَرَنَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ تَمَتَّعَ الْمَكِّيُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ - لَا هَدْيَ، وَلَا صَوْمَ - وَإِنْ قَرَنَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَلَا بُدَّ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَوَّضَ مِنْهُ صَوْمٌ - وَجَدَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَجِدْ - وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا.

قَالَ: وَالْمَكِّيُّ عِنْدَهُ مَنْ كَانَ سَاكِنًا فِي أَحَدِ الْمَوَاقِيتِ فَمَا دُونَهَا إلَى مَكَّةَ - قَالَ: فَإِنْ تَمَتَّعَ مَنْ هُوَ سَاكِنٌ فِيمَا وَرَاءَ الْمَوَاقِيتِ أَوْ قَرَنَ؛ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ - وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَفِيهِ وُجُوهٌ جَمَّةٌ مِنْ الْخَطَأِ -: أَوَّلُهَا - أَنَّهُ تَقْسِيمٌ لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.

وَالثَّانِي - تَفْرِيقُهُ بَيْنَ قِرَانِ الْمَكِّيِّ وَبَيْنَ تَمَتُّعِهِ، وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ قِرَانِ غَيْرِ الْمَكِّيِّ وَبَيْنَ تَمَتُّعِهِ بِلَا بُرْهَانٍ.

الثَّالِثُ - تَعْوِيضُهُ الصَّوْمَ مِنْ هَدْيِ غَيْرِ الْمَكِّيِّ، وَمَنْعُهُ مِنْ تَعْوِيضِهِ الصَّوْمَ مِنْ هَدْيِ الْمَكِّيِّ؛ كُلُّ ذَلِكَ رَأْيٌ فَاسِدٌ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>