للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ: لَا مَعْنَى لِلتَّعْرِيفِ بِالْهَدْيِ سَوَاءٌ اُبْتِيعَ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ، إنْ عَرَّفَ فَجَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْ فَجَائِزٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَمَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا قَبْلَهُ وَلَا مَعَهُ، وَلَا نَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا أَصْلًا لَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ سَلَفٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ رَأْيٍ لَهُ مَعْنَى.

وَأَمَّا قَوْلُ اللَّيْثِ فَإِنَّهُ يُحْتَجُّ لَهُ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، وَإِسْرَائِيلَ، وَيُونُسَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ حَجَّاجٌ: عَنْ عَطَاءٍ؛ وَقَالَ إسْرَائِيلُ: عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ طَاوُسٍ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّفَ بِالْبُدْنِ» . قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَانِ مُرْسَلَانِ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، ثُمَّ إنَّ الْحَجَّاجَ، وَإِسْرَائِيلَ، وَثُوَيْرًا كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ؛

ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ، لِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ لَا أَمْرٌ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَالِكٍ لِأَنَّهُ شَرَطَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَهَدْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا سِيقَ مِنْ الْمَدِينَةِ بِلَا خِلَافٍ؛ وَمَالِكٌ لَا يُوجِبُ التَّوْقِيفَ بِعَرَفَةَ فِيمَا أُدْخِلَ مِنْ الْحِلِّ.

وَيُحْتَجُّ لِقَوْلِ اللَّيْثِ أَيْضًا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عُمَرَ - عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا هَدْيَ إلَّا مَا قُلِّدَ، وَسِيقَ، وَوُقِفَ بِعَرَفَةَ.

وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُلُّ هَدْيٍ لَمْ يُشْعَرْ وَيُقَلَّدْ وَيُفَضْ بِهِ مِنْ عَرَفَةَ فَلَيْسَ بِهَدْيٍ إنَّمَا هِيَ ضَحَايَا.

قَالَ عَلِيٌّ: مَالِكٌ لَا يُحْتَجُّ [لَهُ] بِهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى التَّرْكَ لِلتَّقْلِيدِ وَلِلْإِشْعَارِ مَانِعًا مِنْ أَنْ يَكُونَ هَدْيًا.

قَالَ عَلِيٌّ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَالَفَ ابْنُ عُمَرَ فِي هَذَا غَيْرَهُ - مِنْ الصَّحَابَةِ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا رَبَاحُ بْنُ أَبِي مَعْرُوفٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنْ شِئْت فَعَرِّفْ الْهَدْيَ، وَإِنْ شِئْت فَلَا تُعَرِّفْ بِهِ إنَّمَا أَحْدَثَ النَّاسُ السِّيَاقَ مَخَافَةَ السُّرَّاقِ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَا الْأَعْمَشُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: دَعَا الْأَسْوَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>