وَيُجْزِئُ فِي ذَلِكَ: أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُعْتَقُ بِصِفَةٍ، وَإِلَى أَجَلٍ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ نِصْفَانِ مِنْ رَقَبَتَيْنِ، وَلَا مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِنَا فِي الْكَافِرِ وَالصَّغِيرِ: وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِئُ إلَّا مُؤْمِنَةٌ، قَالُوا: قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى - الرَّقَبَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ مَالِكًا لَا يَقِيسُ حُكْمَ قَاتِلِ الْعَمْدِ عَلَى حُكْمِ قَاتِلِ الْخَطَأِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقِسْ قَاتِلًا عَلَى قَاتِلٍ فَقِيَاسُ الْوَاطِئِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا؟ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَقِيسُ الْمُفْطِرَ بِالْأَكْلِ عَلَى الْمُفْطِرِ بِالْوَطْءِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا لَمْ يَقِسْ مُفْطِرًا عَلَى مُفْطِرٍ فَقِيَاسُ الْمُفْطِرِ عَلَى الْقَاتِلِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، إنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا؟ وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ كَفَّارَةَ الْوَاطِئِ فِي رَمَضَانَ يُعَوَّضُ فِيهَا الْإِطْعَامُ مِنْ الصِّيَامِ، وَلَا يُعَوَّضُ الْإِطْعَامُ مِنْ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ
فَقَدْ صَحَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ حُكْمَ كَفَّارَةِ الْوَاطِئِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ كَفَّارَةِ الْقَاتِلِ؛ فَبَطَلَ بِهَذَا قِيَاسُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؟ فَإِنْ قَالُوا: إنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ بِالتَّعْوِيضِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَوَرَدَ بِهِ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ؟ قُلْنَا: وَالنَّصُّ لَمْ يَرِدْ بِاشْتِرَاطِ مُؤْمِنَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ وَوَرَدَ بِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ.
فَإِنْ قَالُوا: الْمُؤْمِنَةُ أَفْضَلُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ وَالْعَالِمُ الْفَاضِلُ أَفْضَلُ مِنْ الْجَاهِلِ الْفَاسِقِ.
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩] .
وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: ٢١] وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ فِيهَا الْجَاهِلَ الْفَاسِقَ.
وَأَمَّا الْمَعِيبُ فَكُلُّهُمْ مُتَّفِقٌ عَلَى إجَازَةِ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ فِيهَا، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قِيَاسٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْعُيُوبِ فِي ذَلِكَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute