للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ إلَّا قَوْلُنَا أَوْ قَوْلُ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَالْقَضَاءَ عَلَى كُلِّ مُفْطِرٍ، بِأَيِّ وَجْهٍ أَفْطَرَ، بِعُمُومِ رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى، وَبِالْقِيَاسِ جُمْلَةً عَلَى الْمُفْطِرِ بِالْوَطْءِ وَبِالْقَيْءِ.

وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ: فَلَمْ يَتَعَلَّقُوا بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ أَصْلًا، وَلَا بِالْقِيَاسِ، وَلَا بِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ لِأَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى بَعْضِ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ فَتَعَدَّوْا مَا رَوَاهُ جُمْهُورُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، وَأَسْقَطُوا الْكَفَّارَةَ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، مِمَّا قَدْ أَوْجَبَهَا فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَخَالَفُوا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَيَحْيَى، وَابْنُ جُرَيْجٍ؛ فَخَالَفُوا كُلَّ لَفْظِ خَبَرٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ جُمْلَةً وَخَالَفُوا الْقِيَاسَ؛ إذْ لَمْ يُوجِبُوا الْكَفَّارَةَ عَلَى بَعْضِ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَبِالْوَطْءِ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا ظَاهِرَ الْآثَارِ؛ إذْ أَوْجَبُوهَا عَلَى بَعْضِ مَنْ أَفْطَرَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ عَلَى مَا نَذْكُرُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ بَعْدَ هَذَا؛ فَلَا يَجُوزُ إيهَامُهُمْ بِأَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِشَيْءٍ مِنْ الْآثَارِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْقِيَاسِ -: عَلَى مَنْ نَبَّهْنَاهُ عَلَى تَخَاذُلِ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا، فَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَسَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِذِكْرِهِ مِنْ أَقْوَالِهِمْ، ثُمَّ نُعْقِبُ بِأَقْوَالِ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ، الَّتِي لَا مُتَعَلِّقَ لَهَا بِالْقُرْآنِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَالسُّنَنِ، لَا صَحِيحِهَا وَلَا سَقِيمِهَا، وَلَا بِإِجْمَاعٍ، وَلَا بِقَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا بِقِيَاسٍ، وَلَا بِرَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَلَا بِاحْتِيَاطٍ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا كَفَّارَةَ عَلَى مُفْطِرٍ فِي رَمَضَانَ بِوَطْءٍ وَلَا بِغَيْرِهِ -: رُوِّينَا بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ - عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، فِي رَجُلٍ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَيَصُومُ يَوْمًا مَكَانَهُ؟ وَعَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَحَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ حَمَّادُ: عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَقَالَ أَيُّوبُ، وَحَبِيبٌ وَهِشَامٌ كُلُّهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ. ثُمَّ اتَّفَقَ إبْرَاهِيمُ، وَابْنُ سِيرِينَ، فِيمَنْ وَطِئَ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ: أَنَّهُ يَتُوبُ إلَى اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>