للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِاتِّبَاع سَبِيل الْحق وَصرف الْجهد إِلَى إِصَابَته، وَالْيَهُود من الْفَرِيق الأول، وَالنَّصَارَى من الْفَرِيق الثَّانِي، وَمَا ورد فِي الْأَثر مِمَّا ظَاهره تَفْسِير {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} باليهود، و {الضَّالِّينَ (٧)} بالنصارى، فَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَنَّ فِي الْآيَة تعريضًا بِهَذَيْن الْفَرِيقَيْنِ اللَّذين حق عَلَيْهِمَا هَذَانِ الوصفان، لِأَنَّ كلا مِنْهُمَا صَار عَلَمًا فِيمَا أُرِيد التَّعْرِيض بِهِ فِيهِ» (١).

ويقول: دروزة (٢): «يتبادر لنا -والله أعلم- أنَّ جملة {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} في أولى سور القرآن، قد تضمَّنت التَّنبيه على أنَّ صُنُوف النّاس عند الله ثلاثة، صنف أنعم الله عليه فاهتدى وسار على طريقه المستقيم. وصنف انحرف عن هذا الطريق عن عِلْم ومَكْرٍ واستكبار، فاستحق غضب الله. وصِنْف انحرف عن هذا الطريق ضلالًا بغير علم وبيِّنة، ثمَّ ظلَّ مُنحرفًا دون أن يهتدي بما أنزل الله على رُسُله، فلزمته صِفة الضلالة والتصنيف رائع جليل شامل».

وبالتأمل في تعريف كلام أهل التفسير للطوائف الثلاث فيما سبق يتبين ما يلي:

١ - عرف الفخر الرازي الطوائف الثلاث بالتعريف الضمني لهم وهم كل من


(١) التحرير والتنوير (ص: ٧٤٨).
(٢) محمد عزة بن عبد الهادي دروزة (١٨٨٧ - ١٩٨٤ م) مفكر وكاتب ومناضل قومي عربي ولد في نابلس وتوفي في دمشق، وإضافة إلى نضاله السياسي، كان أديبًا ومؤرخًا وصحفيًّا ومترجمًا ومفسرًا للقرآن. وهوأحد مؤسسي الفكر القومي العربي. وتفسيره الموسوم بـ (التفسير الحديث)، رتب فيه سور القرآن الكريم على ترتيب النزول لا على ترتيب سورة القرآن في المصحف. وللاطلاع على دراسات متوسعة في تفسيره ينظر:
١ - جهود محمد عزة دروزة في تفسيره المسمى (التفسير الحديث). لمحسن عبد الرحمن أحمد. (رسالة القرآن، العدد الثامن/ ٢٠٨).
٢ - محمد عزة دروزة وتفسير القرآن الكريم، دكتور فريد مصطفى سليمان.
٣ - التفسير الحديث للأستاذ محمد عزة دروزة. عبد الحكيم محمد أنيس. (الصفار، الجامع للرسائل (ص ٢٧) (١٤).

<<  <   >  >>