أما القراءة الأولى: {مَالِكِ} فقد «قُرئت: بإثبات الألف بعد الميم {مَالِكِ}، وهي قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف العاشر.
أما القراءة الثانية: {مَالِكِ} فقد-قُرئت: بحذف الألف {مُلْكِ}، وهي قراءة الباقين من العشرة؛ وهم: أبو جعفر، ونافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة» (١).
[أما توجيه القراءة الأولى]
فكلمة: {مَالِكِ}، بالألف اسم فاعل من ملك ملكًا بكسر الميم؛ أي: مالك مجيء يوم الدين، والمالك: هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف شاء، وقد أجمع القراء على إثبات الألف في قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: ٢٦]، وكلمة {مَالِكِ} فيها محذوفة الألف رسمًا كما في الفاتحة.
و {مَالِكِ} -بالألف- أمدح من {مَالِكِ} وأعم (٢)؛ حيث تقول: هو مالك الجن والإنس والطير والدواب، ولا تضيف (مَلِكًا) إلى هذه الأصناف.
كما أن زيادة المبنى -كما في {مَالِكِ} بالألف- تدل على زيادة المعنى.
[وأما توجيه القراءة الثانية]
فكلمة {مَالِكِ} على وزن فَقِه صفة مشبهة؛ أي: قاضي يوم الدين (٣) والْمَلِكُ هو
(١) ينظر: النشر (١/ ٢٧١)، والإتحاف (١/ ٣٦٣).
(٢) وأسماء الله وصفاته كلها حسنى وهي صفات كمال وجمال وجلال كلها، قال ربنا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]، و قال ربنا: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [لقمان: ١١٠].
(٣) هذا من باب الإخبار عن الله عزَّ وجل، وباب الإخبار عن الله تعالى أوسع من باب الأسماء.
وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: الفعل أوسع من الاسم، ولهذا أَطلق الله على نفسه أفعالًا لم يتسمَّ منها بأسماء الفاعل، كأراد وشاء وأحدث، ولم يُسمَّ بـ «المريد» و «الشائي» و «المُحدث» كما لم يسمِّ نفسه بـ «الصانع» و «الفاعل» و «المتقن» وغير ذلك من الأسماء التي أطلق على نفسه، =