النوع الأول الإفراد (١) أعمال النسك هي الآتية من الطواف والسعى والوقوف بعرفة ومزدلفة، ورمي الجمار والحلق ونحوها أي تفصيل أعماله وأقواله، وتقدم عدد واجبات الحج وأركانه إجمالا، وسيأتى الكلام على العمرة في الباب الخامس، وأما أنواع النسك فثلاثة: وهى الإفراد والتمتع والقران الآتية؛ وأجمع العلماء على جوازها ولكنهم اختلفوا في الأفضل منها، فقال مالك والشافعى وجماعة: أفضلها الإفراد ثم التمتع ثم القران، وقال أحمد وآخرون: أفضلها التمتع. وقال أبو حنيفة وجماعة: أفضلها القران. والصحيح تفضيل الإفراد ثم التمتع لانفراد كل منهما بأعماله ولأن النبي ﷺ أفرد أولا وقرن ثانيًا لوجود الهدى معه وللإعلام بجوازه، ولأن الخلفاء الراشدين كانوا يفردون ويرون أنه أفضل. (٢) وهو عمل الحج أولا ثم عمل العمرة بعده في أشهر الحج. (٣) بعد تخييرهم كما يأتى في الانتقال من العمرة في أيام الحج، فلما أبيحت لهم في أيامه أخبر بها أصحابه وخيرهم إلا من ساق هديا، وأدخلها ﷺ على الحج فصار قارنًا، لأحاديث القران الآتية ولأنه ﷺ لم يرافق عائشة في عمرتها بعد الحج، بل أرسل أخاها معها ولم يعمل عمرة وحده ويبعد أنه يرجع بحج فقط ويرجع غيره بحج وعمرة، فتعين أنه كان قارنًا في حجة الوداع، وسميت بذلك لأنه ﷺ ودع الناس فيها ولم يحج بعدها. (٤) اختلفت روايات الأصحاب في حجه ﷺ حجة الوداع، فعائشة وابن عمر وجابر وابن عباس رووا الإفراد، وأنس وعمر وغيرهما رووا القران، وروى آخرون التمتع، فمن روى الإفراد أخبر عما رآه أولا، ومن روى القران أخبر عما شاهده آخرا، ومن روى التمتع أراد أنه أمر أصحابه به، ولا منافاة فكل أخبر بما رآه وهو حق، وبهذا انتظمت الروايات الواردة في ذلك.