للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أنهم ما كانوا أنبياء. وهذا قول ابن كثير، والسيوطي، والآلوسي (١). ووجه قولهم: أنه لم يقم دليل على نبوتهم، كما أن أفعالهم تدل على أنهم لم يكونوا أنبياء.

قال ابن كثير: - عند قوله تعالى: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى … أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨)} [يوسف: ٨]-: (واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة إخوة يوسف، وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك، ومن الناس من يزعم أنهم أوحي إليهم بعد ذلك، وفي هذا نظر ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل، ولم يذكروا سوى قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ} (٢) [البقرة: ١٣٦] وهذا فيه احتمال؛ لأن بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل، وللعجم شعوب، يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالا لأنهم كثيرون، ولكن كل سبط من نسل رجل من إخوة يوسف، ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحي إليهم والله أعلم) (٣).

وقد ترددت عبارات بعض المفسرين بين إثبات نبوتهم ونفيها، فقال الرازي: بل الجواب الصحيح أن يقال إنهم ما كانوا أنبياء، وإن كانوا أنبياء إلا أن هذه الواقعة إنما أقدموا عليها قبل النبوة (٤).

ومثله القرطبي حيث قال: (وفي هذا ما يدل على أن إخوة يوسف ما كانوا أنبياء لا أولا ولا آخرا؛ لأن الأنبياء لا يدبرون في قتل مسلم، بل كانوا مسلمين فارتكبوا معصية ثم تابوا. وقيل: كانوا أنبياء، ولا يستحيل في العقل زلة نبي فكانت هذه زلة منهم، وهذا يرده أن الأنبياء معصومون من الكبائر على ما قدمناه. وقيل: ما كانوا في ذلك الوقت أنبياء ثم نبأهم الله وهذا أشبه والله أعلم) (٥).


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ٤٩٤، ورسالة للسيوطي بعنوان: دفع التعسف عن إخوة يوسف ضمن كتابه: الحاوي للفتاوى ج ١/ ص ٣١٠، وروح المعاني ج ٦/ ص ١٦.
(٢) وتمامها: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)}.
(٣) تفسير القرآن العظيم ج ٤/ ص ٤٩٤.
(٤) انظر: التفسير الكبير ج ١٨/ ص ٧٦.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ج ٩/ ص ١١٥، ١١٦.

<<  <   >  >>