للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول المخالفين له وجه، لكن الأظهر -والله أعلم- ما استنبطه الشوكاني ومن قال بقوله؛ لأمور:

الأول: توجيه العموم في قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} يكون من وجهين:

أحدهما: أن متعة المطلقة قبل الدخول وبعد التسمية نصف المهر المسمى-وكفى به متاعا- إذ المتاع هو كل ما ينتفع به.

قال ابن عمر -رضي الله عنهم-: لكل مطلقة متعة إلا التي يطلقها ولم يدخل بها وقد فرض لها، كفى بالنصف متاعا (١).

وقال الجصاص: فإن قيل قال الله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} وذلك عام في سائرهن إلا ما خصه الدليل؛ قيل له: هو كذلك إلا أن المتاع اسم لجميع ما ينتفع به قال الله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)} [عبس: ٣١، ٣٢] فالمتعة والمتاع اسم يقع على جميع ما ينتفع به، فمتى أوجبنا للمطلقات شيئا مما ينفع به من مهر أو نفقة، فقد قضينا عهدة الآية فمتعة التي لم يدخل بها نصف المهر المسمى، والتي لم يسم لها على قدر حال الرجل، وللمدخول بها تارة المسمى، وتارة المثل إذا لم يكن مسمى، وذلك كله متعة، وليس بواجب إذا أوجبنا لها ضربا من المتعة أن توجب لها سائر ضروبها لأن قوله تعالى وللمطلقات متاع إنما يقتضي أدنى ما يقع عليه الاسم (٢).

ثانيهما: أن المطلق في قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} يحمل على المقيد في قوله: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ … قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ … (٢٣٦)}.


(١) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في متعة الطلاق، رقم: ١١٨٨، ج ٢/ ص ٥٧٣، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب: الصداق، باب المتعة، رقم: ١٤٢٦٨، ج ٧/ ص ٢٥٧. وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن المنذر، وعبد بن حميد انظر: ج ١/ ص ٧٤٠.
(٢) انظر: أحكام القرآن ج ٢/ ص ١٤١، ١٤٢. وانظر مثله في أحكام القرآن لابن العربي ج ١/ ص ٢٤٩.

<<  <   >  >>