للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتوكل من أعظم الأسباب التي تطلب بها الحوائج فإن الله يكفي من توكل عليه كما قال: {َمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق ٣) .

قال الفضيل والله ولو يئست من الخلق حتى لا تريد منهم شيئًا لأعطاك مولاك كما تريد، قال بعضهم:

قَالُوا حُظُوضٌ وَأَقسَامٌ فقُلَتُ لَهُمْ ... نَعَمْ ولَكِنْ عَلَيْنَا السَّعْيُ والطَّلَبُ

ولِلْمَطَالِبِ أَسْبَابٌ مُقَدَّرةٌ ... وَبَذْلُ سَعيِكَ في مَطْلُوبِكَ السَّبَبُ

آخر:

عَلامَ سُؤَالُ الناسِ والرِّزْقُ وَاسعٌ ... وأَنْتَ صَحِيحٌ لم تَخُنْكَ الأصَابعُ

فَكُنْ طَالِبًا لِلرِّزْقِ من رَازِقِ الغِنَى ... وخَلِّ سُؤالَ الناسِ فالله صَانِعُ

ومنها: أن العبد إذا اشتد عليه الكرب فإنه يحتاج حينئذٍ إلى مجاهدة الشيطان لأنه يأتيه فيقنطه ويسخطه فيحتاج العبد إلى مجاهدته ودفعه فيكون في مجاهدة عدوه ودفعه دفع البلاء عنه.

ولهذا في الحديث الصحيح: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي فيدع الدعاء» .

ومنها: أن المؤمن إذا استبطأ الفرج وأيس منه ولاسيما بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر له أثر الإِجابة رجع إلى نفسه باللائمة ويقول لها: إنما أُتِيتُ من قِبلِك ولو كان فيك خير لأجبت.

وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير من الطاعات فإنه يوجب انكسار العبد لمولاه وتفريج الكرب، فإنه تعالى عند المنكسرة قلوبهم من أجله. على قدر الكسر يكون الخير.

قال وهب: تعبد رجل زمانًا ثم بدت له إلى الله حاجة فصام سبعين سبتًا يأكل في كل سبت أحد عشرة تمرة ثم سأل الله حاجته فلم يعطها فرجع إلى نفسه فقال منك أُتيت، لو كان فيك خير لأعطيت حاجتك.

<<  <  ج: ص:  >  >>