للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمن عن الإلتفات إلى المخلوق ويوجب له الإقبال على الخالق وحده.

وقد حكى الله عن المشركين إخلاص الدعاء له عند الشدائد فكيف بالمؤمنين.

شِعْرًا:

لَحَىَ الله مَنْ لا يَعْبُدُ الله وَحْدَهُ ... ومَنْ حَبْلُهُ في الدِّينْ غَيرِ مَتِينِ

ومَن هُو ذُوْ لَوْنَيْنِ شَرُّ مُنَافِقٍ ... ومَنْ هُو للأسْرَارِ غير مَكِينِ

والبلاء يوجب للعبد تحقيق التوحيد بقلبه وذلك على أعلى المقامات وأشرف الدرجات.

وفي الإِسرائيليات يقول الله عز وجل: البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك.

وإذا اشتد الكرب وعظم الخطب كان الفرج حينئذٍ قريبًا في الغالب. قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا} (يوسف ١١٠) .

وقال تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} (البقرة ٢١٤) .

وأخبر عن يعقوب عليه السلام أنه لم ييأس من لقاء يوسف وقال لإخوته: {اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ} . وقال: {عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً} (يوسف ٨٣) .

ومن لطائف أسرار اقتران الفرج باشتداد الكرب، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى وجُدِ الإِياس من كشفه من جهة المخلوق ووقع التعلق بالخالق استجاب له وكشف عنه.

فإن التوكل هو قطع الاستشراف باليأس من المخلوقين كما قال الإمام أحمد. واستدل عليه بقول إبراهيم عليه السلام لما عرض عليه جبريل في الهواء وقال له: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>