للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ جَازِ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ في المَسْجِدِ الحَرَامِ لأنَّهُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَلِمْ يَجُزْ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي المَسْجِدِ الأَقْصَى لأنَّ مَسْجِدَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَفْضَلُ مِنْهُ.

وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي المَسْجِدَ الأَقْصَى جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَيِّ المَسْجِدَيْنِ أَحَبَّ لأنَّهُمَا أَفْضَلَ مِنْهُ. بِدَلِيل قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفَ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا المَسْجِدَ الْحَرَامِ» .

وَلا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِمَا رَوْتَ عَائِشَةُ - رَضِي اللهُ عَنْهَا – قَالَتْ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلَ البَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا» .

وَعَنْهَا - رَضِي اللهُ عَنْهَا – قَالَتْ: (السُّنَّةُ عَلَى المُعْتَكِفِ أَنْ لا يُعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلا يَمِسُّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجِةِ إِنْسَانِ إِلا مِمَّا لا بُدَّ مِنْهُ، وَلا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ، وَلا اعْتِكَافُ إلا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ) .

فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَطُلَ اعْتِكَافُهُ، لأنَّ الاعْتِكَافَ اللُّبْثُ في المَسْجِدِ فَإِذَا خَرَجَ فَقَدْ فَعَلَ مَا يُنَافِيهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَمَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ ذِاكِرًا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ وَلا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَكَذَا إِنْ خَرَجَ مِنَ المَسْجِدَ نَاسِيًا لِمْ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» .

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلِ بِفعل القُرَبِ كَقِرَاءَةِ القُرْآنِ وَالأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةِ، وَالصَّلاةِ وَذِكْرُ اللهِ وَنَحْوَ ذَلِكْ.

وَسُنَّ لَهُ اجْتِنَابُ مَا لا يَعْنِيهِ مِنْ جَدَلٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلامٍ لَمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>