للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعود صاحبه ذليلاً حقيراً مفلساً.

وإن كَانَ الكبر بالعلم - وَهُوَ أعظم الآفات، وأغلب الأدواء وأبعدها عن قبول العلاج إلا بشدة شديدة، ولذَلِكَ قال عمر رَضِيَ اللهُ عنهُ: العَالم إِذَا زل بزلته عَالم فيعجز العَالم أن لا يستعظم نَفْسهُ بالإضافة إلي الجاهل، لكثرة ما نطق به الشرع من فضائل العلم وأهله – فَلابُدَّ للعَالم من معرفة أمرين: أحدهما أن يعلم أن حجة الله عَلَى أَهْل العلم آكد، وأنه يحتمل من الجاهل ما لا يحتمل من العَالم، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فإن من عصي الله عَلَى علم ومعرفة أعظم جناية ممن عصي الله عَلَى جهل، لأن العَالم لم يقض حق نعمة الله عَلَيْهِ ولذَلِكَ قال النَّبِيّ ?: " يجَاءَ بالرجل يوم القيامة فيلقي فِي النار فتندلق أقتابه فيدور بِهَا كما يدور الحمار فِي الرحي فيجتمَعَ إليه أَهْل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهي عن الْمُنْكَر فَيَقُولُ بلي كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهي عن الْمُنْكَر وآتيه" رواه البخاري ومسلم. فإِذَا تفكر فيما أمامه من الخطر العَظِيم وعلم ما كَانَ عَلَيْهِ السَّلَف الصالح الصحابة فمن بعدهم من التواضع والخوف مِمَّا أمامهم من الأهوال والكربات والشدائد، امتنع بإذن الله من الكبر، فقَدْ كَانَ بعض الصحابة يَقُولُ: ليتني لم تلدني أمي، وَيَقُولُ الآخر ليتني شجرة تعضد ويأخذ الاخر تبنة وَيَقُولُ: يا ليتني كنت هذه التبنة، وَيَقُولُ الآخر: ليتني كنت طيراً أوكل، وَيَقُولُ الآخر: ليتني لم أكن شيئاً مذكوراً.

شِعْراً:

... لاَ يُدْرِكُ العَلْيَا عَلَى التَّحْقِيْقِ ... إلا مَنِ اسْتَقَامَ فِي الطَّرِيْقِ

وَجَنَّبَ الِّتلْفَازِ وَالمِذْيَاعَ ... وَكُورَةً وَسَائِرَ المَلاَهِي

<<  <  ج: ص:  >  >>